تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن قيل:فإذا كانت هذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اتفق الصحابة رضي الله عنهم على نقلها عنه، وقد نقلها أهل الصحاح والسنن والمسانيد من هذه الوجوه وغيرها، والصلاة عمود الدين، فكيف خفي ذلك على طائفة من فقهاء العراق وغيره حتى لم يجعلوا الاعتدال من الركوع والقعود بين السجدتين من الأفعال المقارنة للركوع والسجود ولا استحبوا في ذلك ذكرا أكثر من التحميد يقول ربنا لك الحمد حتى إن بعض المتفقهة قال إذا طال ذلك طولا كثيرا بطلت صلاته،قيل سبب ذلك وغيره أن الذي مضت به السنة أن الصلاة يصليها المسلمين الأمراء وولاة الحرب فوالى الجهاد هو كان أمير الصلاة على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وخلفائه الراشدين وما بعد ذلك إلى أثناء دولة بني العباس والخليفة هو الذي يصلى بالناس الصلوات الخمس والجمعة لا يعرف المسلمون غير ذلك وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بما سيكون بعده من تغير الأمراء حتى قال"سيكون من بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة"فكان من هؤلاء من يؤخرها عن وقتها حتى يضيع الوقت المشروع فيها كما أن بعضهم كان لا يتم التكبير أى لا يجهر بالتكبير في انتقالات الركوع وغيره ومنهم من لا يتم الاعتدالين وكان هذا يشيع في الناس فيربو في ذلك الصغير ويهرم فيه الكبير حتى إن كثيرا من خاصة الناس لا يظن السنة إلا ذلك فإذا جاء أمراء أحيوا السنة عرف ذلك كما رواه البخاري في صحيحه عن قتادة عن عكرمة قال صليت خلف شيخ بمكة فكبر اثنين وعشرين تكبيرة فقلت لابن عباس إنه لأحمق فقال ثكلتك أمك سنة أبي القاسم صلى الله عليه و سلم وفي رواية أبي بشر عن عكرمة قال رأيت رجلا عند المقام يكبر في كل خفض و رفع و إذا قام و إذا وضع فأخبرت ابن عباس فقال أو ليس تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم لا أم لك وهذا يعني به أن ذلك الإمام كان يجهر بالتكبير فكان الأئمة الذين يصلي خلفهم عكرمة لا يفعلون ذلك و ابن عباس لم يكن إماما حتى يعرف ذلك منه فأنكر ذلك عكرمة حتى أخبره ابن عباس و أما نفس التكبير فلم يكن يشتبه أمره على أحد و هذا كما أن عامة الأئمة المتأخرين لا يجهرون بالتكبير بل يفعل ذلك المؤذن و نحوه فيظن أكثر الناس أن هذه هي السنة ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه ليست هي السنة بل هم متفقون على ما ثبت عندهم بالتواتر عن النبي صلى الله عليه و سلم أن المؤذن و غيره من المأمومين لا يجهرون بالتكبير دائما ....... و هذا كله معناه جهر الإمام بالتكبير و لهذا كانوا يسمونه إتمام التكبير لما فيه

من إتمامه برفع الصوت و فعله في كل خفض و رفع يبين ذلك ...... فهذا يبين أن الكلام إنما هو في الجهر بالتكبير و أما أصل التكبير فلم يكن مما يخفى على أحد و ليس هذا أيضا مما يجهل هل يفعله الإمام أم لا يفعله فلا يصح لهم نفيه عن الأئمة كما لا يصح نفي القراءة في صلاة المخافتة و نفي التسبيح في الركوع و السجود و نفي القراءة في الركعتين الآخرتين و نحو ذلك ...... ومع هذا فإن كثيرا من الفقهاء المتأخرين يعتقدون أن إتمام التكبير هو نفس فعله ولو سرا و أن علي بن أبي طالب و أبا هريرة و غيرهما من الأئمة إنما أفادوا الناس نفس فعل التكبير في الانتقالات و لازم هذا أن عامة المسلمين ما كانوا يعرفون أن الصلاة يكبر في خفضها و لا رفعها و هذا غلط بلا ريب ولا نزاع بين من يعرف كيف كانت الأحوال ولو كان المراد التكبير سرا لم يصح نفي ذلك ولا إثباته فإن المأموم لا يعرف ذلك من إمامه ولا يسمي ترك التكبير بالكلية تركا لأن الأئمة كانوا يكبرون عند الافتتاح دون الانتقالات و ليس كذلك السنة بل الأحاديث المروية تبين أن رفع الإمام و خفضه كان في جميعها التكبير وقد قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد بن حنبل ما الذي نقصوا من التكبير قال إذا انحط إلى السجود من الركوع و إذا أراد أن يسجد السجدة الثانية من كل ركعة فقد بين الإمام أحمد أن الأئمة لم يكونوا يتمون التكبير بل نقصوا التكبير في الخفض من القيام ومن القعود وهو كذلك والله أعلم لأن الخفض يشاهد بالأبصار فظنوا لذلك أن المأموم لا يحتاج إلى أن يسمع تكبيرة الإمام لأنه يرى ركوعه و يرى سجوده بخلاف الرفع من الركوع و السجود فإن المأموم لا يرى الإمام فيحتاج أن يعلم رفعه بتكبيره و يدل على صحة ما قاله أحمد .......

وجزيتم خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير