تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذلك من حجه قاله بعض المتأخرين، وهو الصحيح انتهى " اهـ.

وقال ابن حزم في " المحلى " (7/ 192): " مسألة - فإن صح عنده بعلم أو بخبر صادق أن هذا هو اليوم التاسع إلا أن الناس لم يروه رؤية توجب أنها اليوم الثامن ففرض عليه الوقوف في اليوم الذي صح عنده أنه اليوم التاسع وإلا فحجه باطل لما ذكرنا، روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمر بن محمد قال: شهد نفر أنهم رأوا هلال ذي الحجة فذهب بهم سالم إلى ابن هشام وهو أمير الحج فلم يقبلهم فوقف سالم بعرفة لوقت شهادتهم، ثم دفع فلما كان في يوم الثاني وقف مع الناس " اهـ.

والأقرب من هذه الأقوال هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في أنه يقف مع الناس يوم العاشر وليس له أن يقف قبلهم، أما صوم هذا اليوم الذي هو في اعتقاده التاسع فيستحب له صيامه، وكذلك يصوم في اليوم التاسع في الظاهر المعروف عند الجماعة وإن كان في نفس الأمر يكون عاشرا عنده.

جاء في " مجموع الفتاوى " (25/ 203، 204): " وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن أهل مدينة رأى بعضهم هلال ذي الحجة ولم يثبت عند حاكم المدينة: فهل لهم أن يصوموا اليوم الذي في الظاهر التاسع. وإن كان في الباطن العاشر؟

فأجاب: نعم. يصومون التاسع في الظاهر المعروف عند الجماعة وإن كان في نفس الأمر يكون عاشرا ولو قدر ثبوت تلك الرؤية. فإن في السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون} أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه. وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس} رواه الترمذي وعلى هذا العمل عند أئمة المسلمين كلهم ..... إلى أن قال: " ... وهذا يظهر بالمسألة الثانية فإنه لو انفرد برؤية ذي الحجة لم يكن له أن يقف قبل الناس في اليوم الذي هو في الظاهر الثامن وإن كان بحسب رؤيته هو التاسع وهذا لأن في انفراد الرجل في الوقوف والذبح من مخالفة الجماعة ما في إظهاره للفطر. وأما صوم يوم التاسع في حق من رأى الهلال أو أخبره ثقتان أنهما رأيا الهلال وهو العاشر بحسب ذلك ولم يثبت ذلك عند العامة وهو العاشر بحسب الرؤية الخفية فهذا يخرج على ما تقدم. فمن أمره بالصوم يوم الثلاثين الذي هو بحسب الرؤية الخفية من شوال ولم يأمره بالفطر سرا سوغ له صوم هذا اليوم واستحبه؛ لأن هذا هو يوم عرفة كما أن ذلك من رمضان وهذا هو الصحيح الذي دلت عليه السنة والاعتبار. ومن أمره بالفطر سرا لرؤيته نهاه عن صوم هذا اليوم عند هذا القائل كهلال شوال الذي انفرد برؤيته" اهـ.

3 - استدلال القائلين بأن يوم عرفة هو يوم التاسع من ذي الحجة بغض النظر هل وافق هذا اليوم الذي عندهم وقوف الناس بعرفة أم لا بالحديث الذي جاء فيه التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم تسع من ذي الحجة قد تم الجواب عليه في الاعتراض على المناقشة رقم (2) أثناء مناقشة القول الأول، وفما يلي زيادة تفصيل:

أولاً: أن هذا الحديث قد ضعفه غير واحد من أهل العلم لاضطرابه، لأنه اختلف فيه على هنيدة، فروي عنه عن امرأته عن بعض أزواج النبي، وروي عنه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وروي عنه عن أمه عن أم سلمة، وممن ضعف الحديث الزيلعي في " نصب الراية "، والشيخ شعيب الأرنؤوط في " تخريجه لمسند أحمد " (22690)، وما ذكر من تصحيح الشيخ الألباني للحديث في " صحيح أبي داود و" صحيح النسائي "، عارضه تضعيفه له في " ضعيف الجامع " (4570).

ثانياً: لو صح الحديث بهذا اللفظ، فيجاب: أن هذه اللفظة ليست من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم المعهودة عنه، وإنما لفظ صحابي، وأما عبارة النبي صلى الله عليه وسلم المعهودة عنه هي قوله: (صوم يوم عرفة)، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه نسب صوم يوم عرفة إلى اليوم التاسع من ذي الحجة، وإنما أضاف الصوم إلى عرفة والإضافة معتبرة، لأنه يقصد بها يوم عرفة الذي يقف فيه الناس بعرفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير