تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا فيما نرى فيه من التفاوت والمخالفة لولي الأمر ولجماعة المسلمين ما الله به عليم، وفيه تشتيت للكلمة، وتفريق للجماعة الواحدة، والمخالفة الظاهرة لولي الأمر والافتيات عليه مما لا يقبله عقل، ولا يقره شرع، ويد الله مع الجماعة.

5 - استدلالهم بأن هذه المسألة من المسائل الخلافية، وحكم الحاكم فيها يرفع الخلاف، وأن الحاكم أو من ينوب عنه إذا رأى اعتبار اختلاف المطالع حتى في هلال ذي الحجة، فإنه يلزم على أهل البلد التي تحت حكمه وسلطانه طاعته فهو استدلال باطل؛ لأن الإمام وضع لتطبيق شرع الله، وأنه لا يطاع في معصية، ورفضه التعريف مع أهل الموقف مع ثبوته بوجه شرعي هو عدم تطبيق للشرع وطاعته في ذلك طاعة في الإثم، وهذا ليس من باب الخروج عليه، لأن مسألة الصيام مع الإمام أو الإفطار والنحر معه ليس لذات الإمام، بل لأن الإمام مخوّل في البحث عن ثبوته، فإن ثبت بوجه شرعي اتبعنا الوجه الشرعي لأنه هو الشّرع؛ وثبوته الصوم والفطر هو بالرؤية، أما شهر ذي الحجة فأهل الأمصار تبع فيه لبلاد الحرمين.

ثم إن إعلان المخالفة في الحج يخضع لاعتبارات سياسية واعتبارات أخرى كاعتبار الاستقلال في إعلان ثبوت الصيام والفطر والنحر تابعاً لاستقلالية البلد واستقلال إرادته وسيادته، ولا أدل من هذا على أن الأمر ليس تبنياً من الحاكم لرأي فقهي، وإنما هو تبنٍ من الحاكم لرأي مصدره الهوى أن بعض البلاد قد تتبع الناس في الحج لسنوات من غير تثبت لهلالها ثم تخالف بعد ذلك ثم تتبع ثم تخالف!!.

قال الشيخ السحيم في فتوى له حول هذه المسألة: " .. لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم. ولقول عليه الصلاة والسلام: على المرء والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. رواه البخاري ومسلم. والعبرة بوقوف الناس في " عرفة "، ولا عبرة بِمن خالف إجماع امة الإسلام، فأمّة الإسلام تحج وتقف وتُجمِع على أن يوم عرفة هو يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي يقف فيه الناس.ولا عبرة هنا باختلاف المطالع؛ لأن الأمة تجتمع على أن يوم عرفة في ذلك اليوم الْمُحدَّد، وعادة من يُخالف في ذلك لا يُخالف لأجل اختلاف مطالع، بل لأمور سياسية! ومن يُخالف في هذه يُناقض نفسه بِنَفسِه! إذ يذهب حجاج بلده إلى الشاعر المقدّسة فيقفون مع الناس، بينما هو لا يعتبر ذلك يوم وقوف الناس .. " اهـ.

وأما القول بأن الدعوة لعدم طاعة الحاكم في هذه المسألة هي دعوة للفرقة في ذلك البلد لأن بعضهم سيصوم عرفة ويضحي وبعضهم سيخالف و بهذا تقع الفرقة في البلد الواحد فجوابه أن الفرقة هي في مخالفة هذا الحاكم ومن تبعه لأمة الإسلام التي تتبع بلاد الحرمين في شهر ذي الحجة لا في الصوم والتعريف والنحر مع أمة الإسلام.

يجاب على هذا الاعتراض:

أن زعمكم في أن حكم الحاكم لا يرفع الخلاف ليس في محله، لأن هذه المسألة مثلها مثل مسألة الاعتبار في اختلاف المطالع والخلاف فيها بين أهل العلم هو كما بينا، ولكل قول قائل به من أهل العلم المعتبرين، فإذا قلتم بأن حكم الحاكم يرفع الخلاف في مسألة هلال الصوم والإفطار فلم لا يرفع الخلاف في مسألة هلال الحج.

ثم إنكم بنيتم قولكم في أن هذه المسائل ليس لذات الإمام، بل لأن الإمام مخوّل في البحث عن ثبوته، ثم قلتم أن الثبوت الشرعي للصوم والفطر هو بالرؤية، أما شهر ذي الحجة فزعمتم أن أهل الأمصار تبع فيه لبلاد الحرمين، ونحن نوافقكم أن الثبوت الشرعي في الصوم والفطر هو بالرؤية، أما عرفة والأضحى فلا نوافقكم أن أهل الأمصار تبع في ذلك لأهل مكة وإنما مثلها مثل الصوم والفطر في أن الثبوت الشرعي فيها هو بالرؤية، فإذا جوزنا أن حكم الحاكم يرفع الخلاف في مسألة الصوم والفطر، فكذلك حكمه يرفع الخلاف في هذه المسألة لأنها متفرعة من اعتبار اختلاف المطالع.

وأما اعتراضكم بأن إعلان المخالفة في الحج يخضع لاعتبارات سياسية فيلزمكم أن تقولوا بمثل هذا الكلام في هلال الصوم والفطر أيضاً، فمن خالف في هلال الحج لاعتبارات سياسية فمن باب أولى مخالفته في هلال الصوم والفطر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير