ـ قلتُ: ماذكره ابن القطّان من الجمع مُمكِن وليس بمُمتنِع على طريقة التّجويز العقليّ وهو يتلاءم مع قول الحافظ في الفتح 2/ ص49: لا سبيل إلى ادِّعاء توهيم الرّاوي الثّقة مع إمكان التّوفيق بين الرّوايات، لا سِيما أنّ الزّيادة من العدل الضّابط مقبولة.اهـ.
ـ وإنّما قال ابن القطّان ذلك جرياً على أصله في هذا الباب فقد قال: ((لا نرى الاضطراب في الإسناد علة؛ فإنما ذلك إذا كان الذي يدور عليه الحديث ثقة فنجعل حينئذ اختلاف أصحابه عليه إلى رافع وواقف ومرسل وواصل غير ضار، بل ربما كان سبب ذلك انتشار طرق الحديث، وكثرة رواته وإن كان المحدثون يرون ذلك علة تسقط الثقة بالحديث المروي بالإسناد المضطرب فيه)) (4) اهـ. النظر في أحكام النظر (110) لابن القطان، وانظر منه (88).
وقال ابن القطان أيضاً في معرض بيانه لحديث روي مرفوعاً وموقوفاً: ((ليس فيه أكثر من أن ابن وهب وقفه وزيد بن الحباب رفعه. وهو أحد الثقات، ولو خالفه في رفعه جماعة ثقات فوقفته ما ينبغي أن يحكم عليه في رفعه إياه بالخطأ)) (5) اهـ. بيان الوهم (3/ 371). أفاد هاذين النقلين عن ابن القطّان صاحب كتاب المقترب في بيان المضطرب أحمد بن عمر بن سالم بازمول جزاه الله خيراً.
ـ وجاء في نصب الراية 4/ 377 ما نصّه: وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة ابن أبي شيبة، ثم قال: وهذا يرويه سفيان، وأبان عن عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة مرسلاً، وهو عندهم أصح، على أن الذي أسنده ثقة جليل وهو ابن علية، وقد روى يحيى بن أبي أنيسة، ويزيد بن عياض عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "يستأنى بالجراحات سنة"، انتهى. ذكره الدارقطني من حديث يزيد بن عياض، وذكر أسد بن موسى حديث يحيى، ويحيى، ويزيد متروكان، انتهى كلامه. وأنكر عليه ابن القطان قوله: على أن الذي أسنده ثقة، وهو ابن علية، قال: فإن أصحاب عمرو هم المختلفون، فأيوب يسند عنه، وأبان، وسفيان يرسلان، قال ابن القطان: وهذا اختيار من أبي محمد، أن لا يعل رواية ثقة يوصل برواية غيره، أتاه مقطوعاً أو أسنده ورواه غيره مرسلاً، فقد يكون حفظ ما لم يحفظ غيره، وكذا إذا كان الوصل والإرسال كلاهما عن رجل واحد ثقة، لا يبعد أن يكون الحديث عنده على الوجهين، أو حدث به في حالين، فقد يكون غاب عنه حتى تذكر، أو راجع كتابه، وهذا كما يقول أحدنا: قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وهو عنده بسنده، وإنما الشأن في أن يكون الذي يسند ما رواه غيره مقطوعاً أو مرسلاً غير ثقة، فإنه إذا كان غير ثقة لم يلتفت إليه، وإن لم يخالفه أحد، أما إذا كان ثقة فإنه حجة على من لم يحفظ، قال: وهذا هو الحق في هذا الأصل، واختاره أكثر الأصوليين، فطائفة من المحدثين منهم البزار، وقد صرح بذلك في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري: لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة، أن الحديث إذا أرسله جماعة، وأسنده ثقة، كان القول قول الثقة، قال: وأكثر المحدثين على الرأي الأول، وأبو محمد فقد اضطرب في أحكامه، فتارة صار إلى الرأي الأول، وتارة إلى الرأي الثاني، قال: وأولى بالقبول ما إذا أرسل ثقة، وأسنده ثقة آخر، فإنه إذا لم يبال بإرسال جماعة إذا وصله ثقة، فأولى أن لا يبالي بإرسال واحد إذا وصله غيره. انتهى.
ـ وقال ابن القيم في تهذيب السنن 1/ 323 ردّاً على ابن القطّان في تعليله لحديث: وقوله الحديث عند غير أبي داود معنعن فإن ذلك لا يضره ولاسيما على أصله في زيادة الثقة فقد صرح سهيل عن الزهري عن عروة قال حدثتني فاطمة.اهـ.
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[14 - 02 - 09, 03:13 م]ـ
ـ التنبيه الخامس:
ـ قال الحافظ في الفتح 1/ 443: وقصّر من اقتصر في عزوه للترمذي والنّسائي. اهـ قلتُ والحديث في صحيح مسلم.
ـ وقال في الفتح 2/ 47: وقد سُومِح في العزو إلى مسند البزّار مع أنّ هذا الحديث بهذا اللفظ في الصّحيحين فالعزو إليهما أولى. اهـ.
ـ وقال 2/ 202:وغفل مغلطاي ومن تبعه فنسبوا وصله إلى رواية ابن نمير عن أبي معاوية في صحيح ابن حبّان، وليس بجيّد من وجهين:
ـ أحدهما: أنّ رواية ابن نمير ليس فيها "عن يسار أبي بكر".
ـ والثّاني: أنّ نسبته إلى تخريج صاحب الكتاب [يقصد الإمام البخاري في صحيحه] أولى من نسبته لغيره فيه. اهـ.
¥