وعند الحنابلة في دم الذباب روايتان أصحهما من المذهب أنه طاهر لا يجب غسله، وهو ظاهر المذهب.المغني (1/ 763)،الإنصاف (2/ 11)،شرح منتهى الإرادات (1/ 266)،الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/ 440)
وأما الحنفية والشافعية فقد ذهبوا إلى أنه لا دم لها سائل فينجس. بدائع الصنائع (1/ 284)، مغني المحتاج (1/ 91)
قلت: والصواب – والله أعلى وأعلم – ما قاله جماهير أهل العلم.
سؤر الذباب:
سؤر الذُّبَابُ طَاهِرَ عند الحنفية. بدائع الصنائع (1/ 292)
السؤر هو ما فضل في الإناء من شربة والباقي من كل شيء يسمى سؤراً.
أكل الذباب:
القول الأول:
ذهبت الحنفية و الشافعية و الحنابلة والظاهرية إلى أنه:
لا يحل أكل الذباب لِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ ولِاسْتِبْعَادِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ إيَّاهَا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ}
بدائع الصنائع (1/ 292) و (10/ 127)،المجموع (1/ 131) و (9/ 15)،الإنصاف (16/ 130)،المحلى (7/ 405)
القول الثاني:
وذهب مالك إلى أنه لا بأس بأكله،لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم يطرحه فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفاء وأنه يقدم السم ويؤخر الشفاء"، وفي بعض الآثار فليملغه ومعلوم أنه لضعفه قد يموت إذا غمس في الشراب من ساعته ويلزم على قياس هذا أن يؤكل بغير ذكاة وهو قول عبد الوهاب في التلقين إن حكم هذه الأشياء التي لا لحم لها ولا دم سائلاً حكم دواب البحر لا تنجس في أنفسها ولا تنجس ما مات فيها خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أنه لا يؤكل شيء من ذلك إذا احتيج إليه حتى يذكي بما يذكي به الجراد.البيان والتحصيل (3/ 304)
قلت: والصواب – والله أعلى وأعلم – ما قاله جماهير أهل العلم.
إذا دخل الذباب في حلق الصائم فابتلعه:
اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة والظاهرية على أنه لَوْ دَخَلَ الذُّبَابُ حَلْقَهُ لَمْ يُفْطِرْهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ وَلَوْ أَخَذَهُ فَأَكَلَهُ فَطَّرَهُ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ أَكْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا كَمَا لَوْ أَكَلَ التُّرَابَ.
بدائع الصنائع (4/ 197)،المدونة (1/ 497)،الفواكه الدواني (3/ 408)،المجموع (6/ 327)،المغني (3/ 36)،الإنصاف (5/ 420)،المحلى (6/ 216)
إذا وقع الذباب في طعام أو شراب:
ذهبت الحنفية وكذا المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن: الذُّبَابِ لَا يُنَجِّسُ بِالْمَوْتِ، وَلَا يُنَجِّسُ مَا يَمُوتُ فِيهِ مِنْ الْمَائِعِ، سَوَاءٌ كَانَ مَاءً أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ، كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ وَالْعَصِيرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم يطرحه فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفاء وأنه يقدم السم ويؤخر الشفاء".فلو كان ينجس لما أمر بغمسه.
بدائع الصنائع (1/ 344)،البيان والتحصيل (3/ 304)،المجموع (1/ 129)،روضة الطالبين (1/ 4)،مغني المحتاج (1/ 91)،شرح عمدة الفقه لابن تيمية (1/ 53)،الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1/ 281)
إذا وقع الذباب على النجاسة ثم وقع على ثوب المصلي:
ذهبت الحنفية والمالكية:
أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ النَّجَاسَةِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، كالذُّبَابَ يَقَعْنَ عَلَى النَّجَاسَةِ، ثُمَّ يَقَعْنَ عَلَى ثِيَابِ الْمُصَلِّي وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى أَجْنِحَتِهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ نَجَاسَةٌ قَلِيلَةٌ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ عَفْوًا لَوَقَعَ النَّاسُ فِي الْحَرَجِ.ولهذا تُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ ويعفى عن يسير النجاسة. بدائع الصنائع (1/ 348)، مواهب الجليل (1/ 489) و (1/ 495)
وعند الشافعية فيه سبع طرق .... واختار الغزالي العفو فيها.
وقال النووي: قلت المختار عن جماعة من المحققين ما اختاره الغزالي وهو الأصح والله أعلم.روضة الطالبين وعمدة المفتين (1/ 6)
وعند الحنابلة وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ نَقَلَهَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَحْمَدَ.
¥