لقد قرأت في صحيح الجامع الحديث رقم (397) تحقيق الألباني وتخريج السيوطي (398) صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان)). ويوجد حديث آخر خرجه السيوطي برقم (8757) صحيح، وحققه الألباني في صحيح الجامع برقم (4638) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت أحب الشهور إليه - صلى الله عليه وسلم أن يصومه، شعبان ثم يصله برمضان)) فكيف نوفق بين الحديثين؟
الجواب:
(بسم الله والحمد لله، وبعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله وربما صامه إلا قليلاً كما ثبت ذلك من حديث عائشة وأم سلمة، أما الحديث الذي فيه النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان فهو صحيح، كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة، والله ولي التوفيق) اهـ.
نشر في مجلة الدعوة بتاريخ 3/ 11/1414هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الخامس والعشرون.
(4) الجمع بين قوله (يمحو الله ما يشاء ويثبت) وحديث (رفعت الأقلام وجفت الصحف).
كيف نوفق بين قوله تعالى: ((يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) [الرعد:39] وبين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: رُفعت الأقلام وجفت الصحف؟ وضحوا لنا جزاكم الله خيراً.
الجواب:
(لا منافاة بين الأحاديث وبين الآية الكريمة، فإن الآية فسرها أهل العلم بأن المراد منها الشرائع يمحو الله ما يشاء مما شرع ويثبت منها ما شاء سبحانه وتعالى، فينسخ شيئاً ويثبت شيئاً مما شرع سبحانه وتعالى، والبعض فسرها بالحسنات والسيئات، يمحو الله ما يشاء من السيئات بالتوبة وبالحسنات، ويمحو بعض الحسنات بتعاطي ما حرم الله عز وجل مما يزيلها. فالحاصل أنها ليست المراد بها ما سبق به القدر، ما سبق به القدر لا يمحى، ما استقر في علم الله أنه يقع لا يُمحى، بل الأقدار ماضية (رفعت الأقلام وجفت الصحف) فما قدره الله وسبق في علمه أنه يكونُ يكون، وما سبق في علمه أنه لا يكون لا يكون، فهو غير داخل في الآية الكريمة، وإنما الآية فيما يتعلق بالشرائع والأحكام أو بالحسنات والسيئات لا فيما يتعلق بالأقدار، هذا هو أصح ما قيل في الآية الكريمة) اهـ.
(نور على الدرب).
(5) كيف نوفق بين حديث: (مات الرسول عن فدك)، وحديث (مات ولم يورث شيئا)؟!
قرأت بأن النبي- صلى الله عليه وسلم- مات عن فدك -كتبت هكذا- وأموال، وكذلك قرأت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات ولم يترك ديناراً ولا درهماً, كيف أوفق بين هذين؟
الجواب:
(نعم توفي وما خلف نقودا، ما جاء من النقود أنفقه-عليه الصلاة والسلام-؛ لكن خلف أراضي في خيبر وفي فدك أراضي للمسلمين لمصلحة المسلمين, فالرسل والأنبياء ما يورثون لا دينارا ولا درهما إنما يورثون ما هو نفع المسلمين، ما تركوه هو صدقة تصرف في مصارف المسلمين, كما قال-صلى الله وعليه وسلم-: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة).
فهو ما ورث دراهم ولا دنانير, وإنما خلف أرضاً في خيبر وفدك) اهـ.
(نور على الدرب).
(6) صلة الرحم من أسباب بركة العمر.
كيف نوفق بين الأحاديث التي وردت في زيادة العمر وذلك حين صلة الرحم وليلة القدر وغير ذلك مما ورد فيها أحاديث التي ورد أنها مما يزاد في العمر وينسأ في الأجل، ومعنى الحديث الذي ورد أن الإنسان حينما يتكون أو يصير في أربعين يوماً يكتب أجله وشقي أو سعيد أفيدونا مأجورين؟ [1]
الجواب:
(ليس بين الأحاديث منافاة ولا تناقض فإن الله جل وعلا قَدَّر الأشياء؛ قدر الآجال، قدر الأرزاق، قدر الأعمال والشقاء والسعادة، وقدر أسبابها، وقدر أن هذا يبر والديه ويصل أرحامه، ويكون له بسبب ذلك زيادة في عمره، وقدر أن الآخر يكون قاطعاً وغير بار ويكون النقص في العمر وقد يكون هذا، هذا طويل العمر وهذا قصير العمر لأسباب أخرى، فالله قدر الأشياء وقدر أسبابها سبحانه وتعالى فلا منافاة؛ فبر الوالدين وصلة الأرحام من أسباب بركة العمر وطوله، والقطيعة والعقوق من أسباب قصره ومحق بركته، ولا منافاة بين هذا وبين كون الأجل معدوداً ومحدوداً، وليس هناك زيادة ولا نقص فيما قدره الله سبحانه وتعالى، لكن هذه الأقدار مقدرة بأسبابها فهذا يطول عمره إلى
¥