تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول قراءة القرآن بالألحان والمقامات للشيخ أبو يزيد المدي]

ـ[سمير زمال]ــــــــ[28 - 03 - 09, 05:15 م]ـ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, وبعد:

إنّ التغنّي بالقرآن, وترتيله بالصوت الحسن من نعم الله التي يجتبي بها خلقاً من عباده, وهذا التغني مدعاة لتدبر القرآن والتأثر به حال استماعه.

ولكن شطّ قوم في التغنّي بالقرآن وجاوزوا به الحدّ المباح شرعاً فقارعوا به أهل الغناء والألحان, فصار الترتيل صناعة تضاهي الغناء وتماثله.

ولهذا أحببت أن أبين الحدّ المشروع في التغنّي بالقرآن, مع بيان أوجه التجاوز في ترتيل بعض القرّاء مما لم يأذن به الشرع, والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

المطلب الأوّل: فضل الترتيل والتغنّي بالقرآن.

- لقد ندب الله عباده للترتيل القرآن, والتغنّي به, وتحسين الصوت به:

والنصوص الواردة في ذلك كثيرة, منها تمثيلاً لا حصراً:

قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} , والترتيل: هو أن يذكر الحروف والكلمات مبينة ظاهرة] مفاتيح الغيب 1/ 60 [

وجاء في صحيح مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أذن الله لشيء كأذَنه لنبي يتغنّى بالقرآن يجهر به).

ومعنى الجهر: رفع الصوت بالقراءة وتحسينه بها فطرة لا صنعة، يترنّم به ويطرب.

- وجاء الندب بتحسين الأصوات بالقرآن: كما روى البخاري في صحيحه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "زينوا القرآن بأصواتكم".

لكن الترتيل لا ينبغي أن يؤدي إلى زيادة في المدّ المطلوب أو تغيير في الأحرف حتى يخرج عن القراءة المشروعة.

قال ابن قدامة في المغني: "وعلى كل حال فقد ثبت أن تحسين الصوت بالقرآن وتطريبه مستحب غير مكروه، ما لم يخرج ذلك إلى تغيير لفظه وزيادة حروفه، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: استمع قراءة رجل في المسجد لم أسمع قراءة أحسن من قراءته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاستمع قراءته ثم قال: هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: "إني مررت بك البارحة وأنت تقرأ، فقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود، فقال أبو موسى: لو أعلم أنك تستمع لحبِّرتُه لك تحبيراً"] المغني [

المطلب الثاني: قراءة القرآن بالألحان والمقامات.

إنّ من بدع القراء, وبلايا هذا الزمان, تفشي القراءة بالألحان والمقامات حتى صارت مطلب كلّ قارئ, ومهوى كلّ مستمع.

وقد يغيّب الحقّ أحياناً وتندرس معالمه حتى يظن الناس أنّ البدعة سنة, وأنّ السنة بدعة.

ولهذا فاعلم أخي -هداني الله وإياك إلى الحق- أنّ القراءة بالألحان محرمة أو مكروهة, كما ذكر ذلك جمهور السلف رحمهم الله.

وفيما يلي البيان والتفصيل, والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل:

أولاً: المقصود بقراءة القرآن بالألحان.

اعلم أنّ القراءة بالألحان على ضربين:

1 - الألحان التي تسمح بها طبيعة الإنسان من غير تصنّع: وهذا ما يفعله أكثر الناس عند قراءة القرآن، فإن كل من تغنّى بالقرآن فإنه لا يخرج عن ذلك التلحين البسيط، وذلك جائز، وهو من التغني الممدوح المحمود، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن"] رواه البخاري [

2 - الألحان المصنوعة والإيقاعات الموسيقية: ما كان من ذلك صناعةً من الصنائع، وليس في الطبع السماحة به، بل لا يحصُل إلا بتكلُّف وتصنُّع وتمرُّن، كما يتعلم أصوات الغِناء بأنواع الألحان البسيطة، والمركبة على إيقاعات مخصوصة، وأوزانٍ مخترعة، وهو ما يعرف بالمقامات.

وهي لا تحصل إلا بالتعلُم والتكلف، فهذه هي التي كرهها السلفُ، وعابوها، وذمّوها، ومنعوا القراءةَ بها، وأنكروا على من قرأ بها.

وهذا النوع هو الذي ورد فيه التحريم أو الكراهة كما سيأتي بيانه.

قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابة بدع القراء: "التلحين في القراءة, تلحين الغناء والشَّعر. وهو مسقط للعدالة, ومن أسباب رد الشهادة, قَضَاءً. وكان أول حدوث هذه البدعة في القرن الرابع على أيدي الموالي".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير