هل صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع التقديم؟؟
ـ[مؤمن محمد ناصر الدين]ــــــــ[25 - 03 - 09, 06:33 م]ـ
سمعت درسا لأحد المشايخ يذكر فيه عدم صحة جمع التقديم، وبحثت عن المسألة فوجدت هذه الرسالة للدكتور محمد سعيد حوى، تذهب إلى ذلك
فما قول أهل العلم
نص الرسالة
حول جمع الناس في الحضر بعذر المطر
د. محمد سعيد حوى ـ
لقد دأب كثيرون على الجمع تقديماً في الحضر بدعوى عذر المطر أو البرد الشديد، وهذا الجمع لا يصح لأنه لم يثبت أن النبي r جمع تقديماً قط في حياته، حتى في السفر كما سنرى، والذي صح فقط جمع التقديم بين الظهر والعصر في عرفة حصراً.
وإذا كان الجمع في عرفة قد أورث احتمال جمع التقديم في السفر، فإن جمع التقديم في الحضر بعذر المطر لم يثبت قط أن النبي r فعله، وإليك بيان ذلك وأدلته:
1 ـ حديث ابن عباس:» صلى رسول الله r الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، في غير خوف ولا سفر «، وفي رواية:» في غير خوف ولا مطر «، سئل ابن عباس: لم فعل ذلك؟ ; قال:» أراد أن لا يحرج أمته «أخرجه البخاري 518 ومسلم 705 بألفاظ متقاربة، قال أيوب في روايته: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى.
فهذا حديث محتمل لأَنْ يكون تقديماً ولأن يكون تأخيراً، ولكننا وجدناه مفسَّراً بأنه جمع تأخير صوري، فقد روى حديث ابن عباس هذا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس، فقال عمرو لجابر: أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخّر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظن ذلك، كما في صحيح مسلم 705، فبين أنها جمع تأخير صوري؛ بأن جعل الظهر في آخر وقته والعصر في أول وقته، وهكذا فهمها البخاري، فقد أخرج في صحيحه (518 ط البغا) حديث عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي r صلى بالمدينة سبعاً، ثمانياً … فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة. . قال: عسى. . فوضع البخاري له عنواناً واضحاً فقال:» باب تأخير الظهر إلى العصر «، ووجدنا الإمام النسائي (1/ 286) رواه عن قتيبة عن سفيان عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس بلفظ:» صليت مع النبي r بالمدينة ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً: أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء «، كل ذلك يؤكد أن المعروف عند المحدثين أن هذا الحديث في جمع التأخير الصوري حصراً.
وهذا الحديث ينفي في بعض رواياته الصحيحة أن ذلك الجمع كان في المطر بقوله» ولا مطر «، والاستدلال به من الناحية الفقهية على جواز الجمع في المطر ليس صريحاً، ووجه الاستدلال به على المطر: أنه يتبادر إلى الذهن من قوله:» ولا مطر «أنه من المعروف لديهم أنه يمكن أن يكون الجمع في المطر كما يكون في السفر، فلذلك نفاه كما نفى السفر، وهذا الفهم هو مجرد احتمال لأنه يمكن أن يكون أراد بنفي المطر رفع التوهم الذي قد يظنه القارئ فيما لو لم يذكر المطر إذ قد يقول: لعله في المطر، فيحتج به على المطر، فنفاه حتى لا يستدل به على ذلك، ومعلوم أن الاستدلال بالمفهوم المخالف ـ عند علماء الأصول والفقه ـ من أضعف الأدلة ولا يصار إليه إلا مع عدم غيره، فكيف إذا عارضه غيره.
2 ـ ومع ذلك ولأن ظاهر حديث ابن عباس قد يحتج به لمطلق الجمع حتى من غير عذر قال الإمام الترمذي في حق حديث ابن عباس:» جميع ما في هذا الكتاب من الحديث معمول به ما خلا حديثين: حديث ابن عباس أن النبي r جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر … «(كتاب العلل الصغير، آخر كتاب السنن 5/ 736).
3 ـ ويؤكد هذا كله: قوله تعالى:) إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً (، مع شدة تأكيده r على الصلاة على وقتها، انظر البخاري (رقم 504 ط البغا)، وأنه يعذر المرء بالتأخير للحاجة؛ إذ يكون الوقت قد دخل، أما أن يصلي صلاة قبل وقتها فهذا كمن يصوم رمضان في شعبان، ولا يجوز العدول عن الأصل إلا بنص قطعي صحيح ثابت.
4 ـ وثبت أن النبي r كان يأمر المؤذن أن يقول:» ألا صلوا في الرحال «أخرج البخاري (635) أن ابن عمر أذّن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، ثم قال:» ألا صلوا في الرحال «، ثم قال:» إن رسول الله كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر بقوله: ألا صلوا في الرحال «.
¥