[بيان هدي المصطفى صلى الله عليه في الأسماء, وتغيير ما فيها من معاني غير لائقة]
ـ[سمير زمال]ــــــــ[01 - 04 - 09, 02:47 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إنّ الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها, فينهما ارتباط وتناسب, يصل إلى حدّ التأثير في المسمّى.
فهب أنّ أحداً سمى ولده (جباناً) فلا شكّ أنّ هذا الاسم لا يزال بؤثر فيه إلى أن يصير في عداد الجبناء, وهكذا.
وأذكر أني قرأت مرة في العقد الفريد, أنّ الأصمعي سأل أعرابياً, لم تحسنون أسماء مواليكم بخلاف أولادكم, إذ كانت أسماء مواليهم: نافع, وسالم, وسهل, وهكذا .... , وأسماء أولادهم: حرب, ومرة, وضرار ..
فقال الأعرابي: نسمي موالينا لأنفسنا رجاء نفعهم, ونسمي أولادنا لأعدائنا.
ولهذا كان من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم, استحباب الأسماء الحسنة, والتفاؤل بها, بخلاف الأسماء المنكرة, فكان كثيراً ما يأمر بتغييرها.
قال ابن القيم رحمه الله: "وكان صلى الله عليه وسلم يستحب الاسم الحسن وأمر إذا أبردوا إليه بريدا أن يكون حسن الاسم حسن الوجه, وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة, كما رأى أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع فأتوا برطب من رطب ابن طاب فأوله بأن لهم الرفعة في الدنيا والعاقبة في الآخرة وإن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب وتأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو إليه
وندب جماعة إلى حلب شاة [فقام رجل يحلبها فقال: ما اسمك؟ قال: مرة فقال: اجلس فقام آخر فقال: ما اسمك؟ قال: أظنه حرب فقال: اجلس فقام آخر فقال: ما اسمك؟ فقال: يعيش فقال: احلبها].
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبور فيها كما مر في بعض غزواته بين جبلين فسأل عن اسميهما فقالوا: فاضح ومخز فعدل عنهما ولم يجز بينهما. ولما كان بين الأسماء والمسميات من الارتباط والتناسب والقرابة ما بين قوالب الأشياء وحقائقها وما بين الأروح والأجسام عبر العقل من كل منهما إلى الآخر كما كان إياس بن معاوية وغيره يرى الشخص فيقول: ينبغي أن يكون اسمه كيت وكيت فلا يكاد يخطىء".
وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتغيير الأسماء لمصلحة اقتضت ذلك.
فمن ذلك ما ثبت عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسم عاصية، وقال: (أنت جميلة)] رواه مسلم [.
وعن ابن المسيب عن أبيه: أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما اسمك؟ ". قال: حزن، قال: (أنت سهل). قال: لا أغير اسما سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد] رواه البخاري [.
وقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة لقبحها؛ يقول أبو داود: "وغيّر رسول الله اسم العاص، وعزيز، وعتلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب، وحباب، فسماه هاشماً، وسمى حرباً سلماً، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضاً يقال لها: عفرة خضرة، وشعب الضلالة سماه شعب الهدى، وبنو الزينة سماهم بني الرشدة، وسمي بني مغوية بني رشدة"] سنن أبي داود (2/ 707 [.
وقد ذكر العلماء أن الأسماء الممنوعة في الشريعة على نوعين:
النوع الأول: أسماء دلت النصوص على تحريم التسمي بها، وهي على أنواع:
أولاً: كل اسم معبد لغير الله تعالى؛ من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك؛ مثل: عبد الرسول، عبد النبي، عبد علي، عبد الحسين.
ثانياً: الأسماء المضافة إلى لفظ الجلالة, مما تحمل معنى منكراً, مثل اسم: (غلام الله) أي: ابن الله والعياذ بالله.
ثالثاً: التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم, مثل: بطرس، جورج، ديانا، سوزان ... وغيرها ..
رابعاً: التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله، ومنها: اللات، العزى، إساف، نائلة، هُبَل ...
وأذكر أنّ اسم نائلة متفش جداً في الجزائر, وجاءني أحدهم قبل أكثر من 15 سنة يبشرني بمولودة له, وقال سميتها نائلة, فقلت أعوذ بالله ألا تعلم أنها اسم صنم, فقال علمت أنها اسم لزوجة عثمان رضي الله عنه, فقلت هذا كان قبل ورود التحريم.
خامساً: التسمِّي بالأسماء الأعجمية، مثل: ناريمان، شيريهان، نيفين، شيرين، جِهان.
¥