تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العلامة ابن القيم: مراتب العلم وأوجه حرمانه ستة ......]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[21 - 03 - 09, 11:25 ص]ـ

قال العلامة ابن القيم في (مفتاح دار السعادة):

(وللعلم ست مراتب أولها: حسن السؤال.

الثانية: حسن الإنصات والاستماع.

الثالثة: حسن الفهم.

الرابعة: الحفظ.

الخامسة: التعليم.

السادسة: - وهي ثمرته - وهي العمل به ومراعاة حدوده.

فمن الناس من يحرمه لعدم حسن سؤاله؛ إما لأنه لا يسأل بحال، أو يسأل عن شيء وغيره أهم إليه منه، كمن يسأل عن فضوله التي لا يضر جهله بها، ويدع ما لا غنى له عن معرفته، وهذه حال كثير من الجهال المتعلمين.

ومن الناس من يُحرَمه لسوء إنصاته، فيكون الكلام والمماراة آثر عنده وأحب إليه من الإنصات؛ وهذه آفة كامنة في أكثر النفوس الطالبة للعلم، وهي تمنعهم علما كثيرا ولو كان حَسَن الفهم.

ذكر ابن عبد البر عن بعض السلف أنه قال:

من كان حسن الفهم رديء الاستماع لم يقم خيره بشره.

وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب "العلل" له قال: كان عروة بن الزبير يحب مماراة ابن عباس، فكان يخزن علمه عنه، وكان عبيد الله بن عبدالله بن عتبة يلطّف له في السؤال فيعزه بالعلم عزا.

وقال ابن جريج:

لم أستخرج العلم الذي استخرجت من عطاء إلا برفقي به!.

وقال بعض السلف:

إذا جالست العالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول.

وقد قال الله تعالى:

{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.

فتأمل ما تحت هذه الألفاظ من كنوز العلم، وكيف تفتح مراعاتها للعبد أبواب العلم والهدى، وكيف ينغلق باب العلم عنه من إهمالها وعدم مراعاتها، فإنه سبحانه أمر عباده أن يتدبروا آياته المتلوة المسموعة والمرئية المشهودة بما تكون تذكرة لمن كان له قلب، فإن من عدم القلب الواعي عن الله لم ينتفع بكل آية تمر عليه ولو مرت به كل آية.

ومرور الآيات عليه، كطلوع الشمس والقمر والنجوم ومرورها على من لا بصر له، فإذا كان له قلب كان بمنزلة البصير إذا مرت به المرئيات فإنه يراها، ولكن صاحب القلب لا ينتفع بقلبه إلا بأمرين:

أحدهما: أن يحضره ويشهده لما يلقى إليه، فإذا كان غائبا عنه مسافرا في الأماني والشهوات والخيالات لا ينتفع به، فإذا أحضره و أشهده لم ينتفع إلا بأن يُلقي سمعه ويصغي بكليته إلى ما يوعظ به ويُرشد إليه.

وها هنا ثلاثة أمور:

أحدها: سلامة القلب وصحته وقبوله.

الثاني: إحضاره وجمعه ومنعه من الشرود والتفرق.

الثالث: إلقاء السمع وإصغاؤه، والإقبال على الذكر.

فذكر الله تعالى الأمور الثلاثة في هذه الآية.

قال ابن عطية: القلب هنا عبارة عن العقل، إذ هو محله، والمعنى لمن كان له قلب واع ينتفع به.

قال: وقال الشبلي: قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين.

وقوله: {أو ألقى السمع وهو شهيد} معناه: صَرَف سمعه إلى هذه الأنباء الواعظة، وأثبته في سمعه، فذلك إلقاء له عليها، ومنه قوله: {وألقيت عليك محبة مني} أي: أثبتها عليك.

وقوله: {وهو شهيد} قال بعض المتأولين: معناه: وهو شاهد مقبل على الأمر غير معرض عنه، ولا مفكر في غير ما يسمع.

قال: وقال قتادة: هي إشارة إلى أهل الكتاب، فكأنه قال: إن هذه العبَرَ لتذكرة لمن له فهم فتدبر الأمر، أو لمن سمعها من أهل الكتاب فشهد بصحتها لعلمه بها من كتاب التوراة وسائر كتب بني إسرائيل.

قال: فـ {شهيد} على التأويل الأول من المشاهدة، وعلى التأويل الثاني من الشهادة.

وقال الزجّاج: معنى {من كان له قلب}: من صرف قلبه إلى التفهم، ألا ترى أن قوله: {صم بكم عمي} أنهم لم يستمعوا استماع مستفهم مسترشد، فجُعلوا بمنزلة من لم يسمع، كما قال الشاعر:

..................... أصم عما ساءه سميع

ومعنى {أو ألقى السمع} استمع ولم يشغل قلبه بغير ما يستمع، والعرب تقول: ألقِ إلىّ سمعك، أي: استمع مني، {وهو شهيد} أي: قلبه فيما يسمع.

قال: وجاء في التفسير أنه يعني به أهل الكتاب الذين عندهم صفة النبي صلى الله عليه و سلم.

فالمعنى: أو ألقى السمع وهو شهيد، أن صفة النبي صلى الله عليه و سلم في كتابه.

وهذا هو الذي حكاه ابن عطية عن قتادة وذكر أن شهيدا فيه بمعنى شاهد، أي: مخبر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير