(لقاء الباب المفتوح) شريط (46) ب.
(33) التوفيق بين عدد تكبيرات الجنازة التي جاءت في السنة.
السؤال:
ورد في صحيح مسلم أن من صفات الصلاة على الجنازة أن تكون أربع تكبيرات، فكيف الجمع بين الوارد في ذلك من أنها خمس .. ؟
الجواب:
(أكثر ما يكبر النبي صلى الله عليه وسلم على الجنازة أربع تكبيرات فقط، لكن ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم كبر خمساً؛ كما في حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، وكذلك روي عنه الست إلى السبع، ولهذا قال العلماء: لا بأس بالزيادة على الأربع إلى السبع.
والأفضل للإنسان أن يأخذ بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم تارة وتارة: تارةً أربعاً، وتارة خمساً، وتارة ستاً، وتارةً سبعاً، كما جاءت به السنة، لكن الأكثر الأربع.
كل شيء وردت به السنة على وجوه متنوعة فالأفضل أن تأخذ بهذا تارة وبهذا أخرى) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (59) أ.
(34) الجمع بين آثار السلف في الإنكار على الولاة علنا، وحديث (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية).
السؤال:
فضيلة الشيخ! هناك من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف، ويستشهد بحديث أبي سعيد الخدري في إنكاره على مروان بن الحكم حينما قدم الخطبة على الصلاة، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم) وبحديث (سيد الشهداء رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) فهل هذا الكلام صحيح؟ وكيف الجمع بين هذه الآثار الصحيحة وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية) نرجو التفصيل في هذه المسألة، حيث أن كثيرا من شباب الصحوة يجهل الحكم الصحيح في هذه المسألة، وبخاصة أن هناك من الدعاة من يقول: إن الإنكار على الولاة علناً من منهج السلف، مما يجعل الشباب يثور ويظن أن عدم الإنكار علناً دليل على المداهنة في الدين وغير ذلك، ولما لهذه المسألة من خطورة، نرجو التفصيل وجزاكم الله خيراً؟
الجواب:
(هذا السؤال مهم، وجوابه أهم منه في الواقع، ولا شك أن إنكار المنكر واجب على كل قادر عليه، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:104 - 105] واللام في قوله: (ولتكن) لام الأمر، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم) أي: كما لعن بني إسرائيل الذين قال الله عنهم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة:78 - 79].
ولكن يجب أن نعلم أن الأوامر الشرعية في مثل هذه الأمور لها محالّ، ولا بد من استعمال الحكمة، فإذا رأينا أن الإنكار علناً يزول به المنكر ويحصل به الخير فالحكمة أن ننكر علناً، وإذا رأينا أن الإنكار علناً لا يزول به الشر، ولا يحصل به الخير بل يزداد ضغط الولاة على المنكرين وأهل الخير، فإن الخير أن ننكر سراً، وبهذا تجتمع الأدلة، فتكون الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علناً فيما إذا كنا نتوقع فيه المصلحة، وهي حصول الخير وزوال الشر، والنصوص الدالة على أن الإنكار يكون سراً فيما إذا كان إعلان الإنكار يزداد به الشر ولا يحصل به الخير.
وأقول لكم: إنه لم يضل من ضل من هذه الأمة إلا بسبب أنهم يأخذون بجانبٍ من النصوص ويدعون جانباً، سواء كان في العقيدة أو في معاملة الحكام أو في معاملة الناس، أو في غير ذلك، ونحن نضرب لكم أمثالاً حتى يتضح الأمر للحاضرين وللسامعين:
¥