موافقة الزوج على الخلع مستحبة فقط عند بعض أهل العلم، وهو قول راجح لا مرجوح، كما سترى، فقد جاء في الإنصاف للمرداوي: وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه، فيباح للزوجة ذلك والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم الحلواني بالاستحباب، وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب. واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في وجوب الإجابة إليه. وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
كما أنّ أهل العلم الذين اشترطوا وجوب موافقة الزوج، يخرجون عن هذا الأصل إن كان الضرر متحقق على الزوجة إن بقيت على ذمة الرجل.
أما دليل الإستحباب فهو ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة. وفي رواية له أنه عليه الصلاة والسلام قال: فَتَرُدِّينَ عَليْهِ حَديقَتَهُ؟ فقالَتْ: نَعَمْ. فَرُدَّتْ عَليْهِ، وأمَرَهُ ففارَقَها.
يستفاد من الحديث أنّ للقاضي خلع المرأة من زوجها دون الرجوع للزوج إن رأى القاضي مصلحة في ذلك أو تحقق ضرر في بقاء الزوجة مع زوجها.
لا أدري ما قصدك قرار المراكز ملزم أم لا، فالمسألة حكم شرعي، والحكم الشرعي والقانوني منفكان عن بعضهما البعض، فليس كل ما كان قانونياً هو شرعي. والعبرة في مسألة الأخت متعلق بالحكم الشرعي فقط لأن الزواج لم يسجل قانونياً، فإن سجل قانونياً، يغنيها رفع دعوى طلاق من محكمة البلد الذي تقطنه وإن كان لا يحكم بالشرع، وهذا ما أباحه المشايخ للضرورة هناك.
لذا فهي أمام خياران لا ثالث لهما:
إن كانت قد سجلت زواجها من ذلك الرجل في المحكمة، فعليها أن ترفع للمحكمة طلب إنفصال أو طلاق، والحكم سيكون معتبراً شرعاً.
إن لم تسجل عقد زواجها مدنياً، أي في المحكمة، فلها الرجوع لمن له صفة إعتبارية بين المسلمين ممن يرجع إليهم لحل مشاكلهم، وإستشاراتهم الدينية ويكفي أن يحيل الرجل أو يقوم هو بالنظر في المسألة لينفذ الخلع أو يرده. ولا أظن أنّ قبرص لا تحمل على ظهرها ولو رجلاً واحداً عنده من العلم الشرعي ما يكفي لينفذ الخلع.
والله أعلم وأحكم
أخي الكريم أيمن, أعتذر عن التأخير, و أسألك الدعاء ...
اختلف العلماء في الأمر الوارد في حديث ابن عباس, هل هو للإلزام أو للاستصلاح و الإرشاد, و أغلب العلماء على أن الأمر هنا للإرشاد, و عليه فلا يلزم الزوج الإجابة للخلع, و أما إن كان الضرر متحققا فالقاضي يلزم الزوج به ..
يقول الإمام الشوكاني في الدرر:
و إذا خالع الرجل امرأته كان أمرها إليها لا ترجع إليه بمجرد الرجعة و يجوز بالقليل والكثير ما لم يجاوز ما صار إليها منه ولا بد من التراضي بين الزوجين على الخلع أو إلزام الحاكم مع الشقاق بينهما وهو فسخ وعدته حيضة.
و يقول الشيخ حافظ الحكمي:
إلا إذا عشرته لم تستطع ... فما عليها حرج أن تختلع
يجوز بالقليل والكثير لا ... ما زاد عن مهر فمنع نقلا
ويلزم التراضي باتفاق ... أو حكم حاكم مع الشقاق
إن كان الأمر كما تقول, فلم يفتي العلماء باللجوء إلى المحاكم الغربية لإلزام الزوج ما هو لازم له شرعا مع ما فيها من المفاسد, لكان يكفي أن ينطق شيخ في مركز من المراكز الإسلامية بالحكم. الحكم في الخصومات لا بد أن يصدر من جهة تلزم بما تحكم به.
و الله أعلم