القسم الخامس: طبيب حاذق أعطى الصنعة حقَّها، فقطع سِلْعة – لحمة زائدة - مِن رجُل، أو صبي، أو مجنون، بغير إذنه، أو إذن وليه، أو ختن صبيّاً بغير إذن وليه، فتلف، فقال أصحابنا: يضمن؛ لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه، وإن أذِن له البالغ، أو ولي الصبي، والمجنون: لم يضمن، ويحتمل أن لا يضمن مطلقاً؛ لأنه محسن، وما على المحسنين من سبيل، وأيضاً: فإنه إن كان متعديّاً: فلا أثر لإذن الولي في إسقاط الضمان، وإن لم يكن متعديّاً: فلا وجه لضمانه، فإن قلت: هو متعد عند عدم الإذن، غير متعد عند الإذن قلت: العدوان، وعدمه، إنما يرجع إلى فعله هو، فلا أثر للإذن وعدمه فيه، وهذا موضع نظر.
"زاد المعاد" (4/ 128 – 130).
وذكر ابن القيم رحمه الله بعد ذلك فصلاً نافعاً في " الطبيب الحاذق " وأنه هو الذي يراعي عشرين أمراً! وذكرها هناك، فلتنظر.
ومن أعطى المهنة حقَّها، وعالج وفق الأصول المهنية المعروفة، وترتب على عمله خطأ، كتلف عضو أو وفاة: لم يضمن الطبيب شيئاً؛ لأنه مأذون له في العلاج من ولي الأمر، ومن المريض أو وليه؛ ولأنه حاذق في مهنته، ولو ضمِّن مثل هذا لكان فيه ظلم له.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
إذا كان الطبيب حاذقاً، وأعطى الصنعة حقَّها، ولم تجن يده، أو يقصر في اختيار الدواء الملائم بالكمية، والكيفية، فإذا استكمل كل ما يمكنه، ونتج من فعله المأذون من المكلف، أو ولي غير المكلف تلف النفس، أو العضو: فلا ضمان عليه، اتفاقاً؛ لأنها سراية مأذونة فيها، كسراية الحد، والقصاص.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (8/ 104).
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا فعل الطبيب ما أُمر بفعله، وكان حاذقاً في صناعته، ماهراً في معرفة المرض الذي يجري من أجله العملية وفي إجرائها، ولم يتجاوز ما ينبغي أن يفعله: لم يضمن ما أخطأ فيه، ولا ما يترتب على سرايته من الموت، أو العاهة؛ لأنه فعل ما أذن له فيه شرعاً، ونظيره ما إذا قطع الإمام يد السارق، أو فعل فعلاً مباحاً له، مأذوناً له فيه.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24/ 400).
فهذه أقسام الأطباء، وهذه أحوالهم وأحكامهم، وتنطبق هذه الأحكام على كل من يشتغل بالطب، وتصدق هذه الأحكام على: الحجّام، والفاصد، والمجبِّر، والكوَّاء، والمعالج للحيوانات، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله بعد ذِكره تلك الأقسام للأطباء.
والواجب على الأطباء أن يتقوا الله تعالى في مرضاهم، وأن لا يتعجلوا التشخيص، وأن يتعاون مع غيره ممن هم أعلم منه، وأن يعترف من أخطأ منهم.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
يجب على الطبيب أن يتحرى في تشخيص المرض، ويتعاون مع زملائه في ذلك قبل إجراء العملية، ويستعين في التشخيص بقدر الإمكان بالآلات الحديثة، ولا يتعجل بالعملية قبل التأكد من التشخيص، وإذا أجراها بعد ذلك وأخطأ: فعليه أن يعلن خطأه لمن هو مسئول أمامهم، ولا يموه، ولا يعمِّي، ويسجل ذلك في ملف المريض؛ خوفاً من الله تعالى؛ وأداء لواجب الأمانة؛ وإيثاراً لمصلحة المريض؛ وتقديما لها على مصلحة المعالج؛ ودفعا لما قد يترتب على التعمية والتمويه من العواقب السيئة للمريض.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/ 401).
ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد.
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/114047
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[15 - 10 - 09, 12:28 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
من شرح عمدة الفقه للشيخ سعد الخثلان:
إذا أخطأ الطبيب من غير تعدٍ ولا تفريط فلا شيء عليه، إذا كان بالشروط التي ذكرها المؤلف أن يكون طبيباً حاذقاً، لا يكون إنسان يتعلم ويجرب في الناس، فهذا يتحمل لكن إن كان إنسان معروف بالحذق، طبيب متخصص، والأمر الثاني: لم يحصل منه تعدٍ ولا تفريط فإنه لا يضمن، لو مثلاً أعطى إنسان دواء ثم بعد ذلك تسبب حال الدواء في أمراض أخرى ومن غير تعدٍ منه ولا تفريطٍ وهو يصرف لأمثاله من المرضى ولم يحصل منهم هذا الشيء ربما لحساسية هذا المريض، أو بسبب آخر يعني تسبب هذا العلاج في أمراض أخرى فإنه لا يضمن هذا الطبيب، أما لو كان هذا الطبيب متعدٍ
¥