تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مَسْكُوتٌ عَنْهُ. لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مَا ذَكَرَ. ولم يَنْفِ عَنْهُ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ ذَلِك فِي صِيغَةِ الْحَصْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. فَيَقُولُونَ: نَفَى الْخَشْيَةَ عَنْ غَيْرِ الْعُلَمَاءِ، وَلَمْ يُثْبِتْهَا لَهُمْ

وَالصَّوَابُ: قَوْلُ الْجُمْهُورِ. أَنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} فَإِنَّهُ يَنْفِي التَّحْرِيمَ عَنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَيُثْبِتُهَا لَهَا. لَكِنْ أَثَبَتَهَا لِلْجِنْسِ. أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ؟ كَمَا يُقَالُ: إنَّمَا يَحُجُّ الْمُسْلِمُونَ. وَلَا يَحُجُّ إلَّا مُسْلِمٌ. وَذَلِك أَنَّ الْمُسْتَثْنَى هَلْ هُوَ مُقْتَضٍ أَوْ شَرْطٌ؟. فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا: هُوَ مُقْتَضٍ. فَهُوَ عَامٌّ. فَإِنَّ الْعِلْمَ بِمَا أَنَذَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ يُوجِبُ الْخَوْفَ. فَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ يُوجِبُ الْخَشْيَةَ الْحَامِلَةَ عَلَى فِعْلِ الْحَسَنَاتِ. وِتْرِك السَّيِّئَاتِ. وَكُلُّ عَاصٍ فَهُوَ جَاهِلٌ. لَيْسَ بِتَامِّ الْعِلْمِ. يُبَيِّنُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ أَصْلَ السَّيِّئَاتِ الْجَهْلُ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ. فَعَدَمُ الْعِلْمِ لَيْسَ شَيْئًا مَوْجُودًا. بَلْ هُوَ مِثْلُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ، وَعَدَمِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَسَائِرِ الأعدام. وَالْعَدَمُ: لَا فَاعِلَ لَهُ. وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا. وَإِنَّمَا الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. فَلَا يَجُوز أَنْ يُضَافَ الْعَدَمُ الْمَحْضُ إلَى اللَّهِ. لَكِنْ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِاَللَّهِ، لَا يَدْعُوهُ إلَى الْحَسَنَاتِ، وَتَرْكِ السَّيِّئَاتِ. وَالنَّفْسُ بِطَبْعِهَا مُتَحَوِّلَةٌ. فَإِنَّهَا حَيَّةٌ. وَالْإِرَادَةُ وَالْحَرَكَةُ الْإِرَادِيَّةُ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَاةِ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ: حَارِثٌ وَهَمَّامٌ} فَكُلُّ آدَمِيٍّ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ. أَيْ عَامِلٌ كَاسِبٌ، وَهُوَ هَمَّامٌ. أَيْ يَهِمُّ وَيُرِيدُ. فَهُوَ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {مَثَلُ الْقَلْبِ: مَثَلُ رِيشَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَلَلْقَلْبُ أَشَدُّ تَقَلُّبًا مِنْ الْقِدْرِ إذَا اُسْتُجْمِعَتْ غَلَيَانًا}. فَلَمَّا كَانَتْ الْإِرَادَةُ وَالْعَمَلُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهَا. فَإِذَا هَدَاهَا اللَّهُ: عَلَّمَهَا مَا يَنْفَعُهَا وَمَا يَضُرُّهَا. فَأَرَادَتْ مَا يَنْفَعُهَا، وَتَرَكَتْ مَا يَضُرُّهَا.

ما سبب وجود الشر في النفس؟

مجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 211)

قَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَلَهُ الْوَحْدَانِيَّةُ فِي إلَهِيَّتِهِ، وَلَهُ الْعَدْلُ وَلَهُ الْعِزَّةُ وَالْحِكْمَةُ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ إنَّمَا يُثْبِتُهَا السَّلَفُ وَأَتْبَاعُهُمْ، فَمَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ السُّنَّةِ نَقَصَ الرَّبَّ بَعْضَ حَقِّهِ. والجهمي الْجَبْرِيُّ: لَا يُثْبِتُ عَدْلًا وَلَا حِكْمَةً، وَلَا تَوْحِيدَ إلَهِيَّتِهِ، بَلْ تَوْحِيدُ رُبُوبِيَّتِهِ، وَالْمُعْتَزِلِيُّ لَا يُثْبِتُ تَوْحِيدَ إلَهِيَّتِهِ، وَلَا عَدْلًا وَلَا عِزَّةً وَلَا حِكْمَةً، وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ يُثْبِتُ حِكْمَةً مَا، مَعْنَاهَا يَعُودُ إلَى غَيْرِهِ، فَتِلْكَ لَا تَكُونُ حِكْمَةً، فَمَنْ فَعَلَ لَا لِأَمْرِ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَلْ لِغَيْرِهِ، فَهَذَا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ قَاطِبَةً لَيْسَ بِحَكِيمِ، وَإِذَا كَانَ الْحَمْدُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى نِعْمَةٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ رَأْسُ الشُّكْرِ، فَهُوَ أَوَّلُ الشُّكْرِ وَالْحَمْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نِعْمَةٍ وَعَلَى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير