تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إمامته وثناء العلماء عليه:

كان مالك إماماً في كُلِّ شيء، خبيرًا بأحوال الرِّجال، كثير التَّحري عن الرُّواة، حافظًا مُجَوِّدًا مُتقِنًا - يَتَّقي في حديث رسول الله {الياء والتاء ونحوهما -، مُعَظَّمًا من قِبَل علماء الأمصار والأئمَّة الكبار (20).

قال ابن عُيَيْنَة: مالك عالم أهل الحجاز، وهو حُجَّةُ زمانه (21).

وقال ابن مهدي: ما رأيت أحدًا أَهيَبَ، ولا أتمَّ عَقلاً من مالك، ولا أشدَّ تقوى. وقال ابن سعد: كان ثِقةً ثبتًا حُجَّةً عالمًا وَرِعًا. وقال الشافعي: إذا ذُكِر العلماء، فمالكٌ النَّجم (22).وقال وُهَيب: إمام أهل الحديث مالك (23).وقال القطان: هو إمامٌ يُقتدى به (24). وقال ابن معين: مالك من حجج الله على خلقه (25). وقال بهلول ابن راشد: ما رأيت أنزع بآية من مالك مع معرفته بالصحيح والسقيم (26). وقال ابن وهب: لولا مالك والليث لضَلَلنا (27). وقال البخاري: أصحُّ الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر (28). وقال النسائي: أمناء الله على علم رسول الله {ثلاثة: شعبة، ومالك، ويحيى القطان (29). وقال الذهبي: اتَّفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره:

- أحدها: طولُ العمر وعُلُوُّ الرواية.

- وثانيتها: الذِّهنُ الثَّاقب والفهمُ وسَعَةُ العلم.

- وثالثتها: اتفاقُ الأئمة على أنه حُجَّةٌ صحيح الرواية.

- ورابعتها: تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السُّنن.

- وخامستها: تَقَدُّمُه في الفقه والفتوى وصحَّة قواعده (30).

وأنشد الشَّيخ أبو طاهر إبراهيم:

إذا قيل مَن نجمُ الحديث وأهله

أشارُوا أولو الألباب يعنُون مالكاً

إليه تناهى علم دين محمَّد

فوطَّأ فيه للرَّآة المسالكا

ونظَّم بالتَّصنيف أسبَلَ نَشرَهُ

وأوضَحَ ما لولاه كان حالكاً

وأحيا دُروس العلم شرقًا ومغربًا

تقدَّم في تلك المسالك سالكاً

وقد جاء في الآثار من ذلك شاهدٌ

على أنَّه في العلم خُصَّ بذلك

فمَن كان ذا طعنٍ على علم مالك

ولم يقتبس من نُوره كان هالكًا (31)

تقريراته في العقيدة:

كان هذا الإمام من حكماء الإسلام؛ وأئمة السلف الكرام، وقد نقل عنه تقريرات وقواعد في العقيدة؛ بها يحتجُّ المنصفُون، وإليها في مناظراتهم يفزعون، وعليها في دينهم يُعوِّلون.

1 - فتراه يحثُّ على إبقاء العقائد على فِطرِيَّتها وصَفائها.

فيقول - رحمه الله، وبلَّل بالمغفرة ثراه -:

"الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص، وبعضُه أفضلُ من بعض" (32).

"الله في السَّماء وعلمُه في كُلِّ مكان، لا يخلو منه شيء" (33).

"الاستواء معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ، والإيمان به واجبٌ، والسُّؤال عنه بدعةٌ" (34).

"القرآن كلام الله، وكلام الله منه، وليس من الله شيء مخلوق" (35).

"الناس ينظرون إلى الله عزَّ وجل يوم القيامة بأعينهم" (36).

قال ابن وهب: "سمعت مالكًا يقول لرجل سأله عن القدر: نعم! قال الله تعالى: ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها 13 {السجدة: 13} " (37).

قال ابن نافع وأشهب وأحدهما يزيد على الآخر: "قلت: يا أبا عبد الله: وجوه يومئذ ناضرة 22 {القيامة: 22}، ينظرون إلى الله؟ قال: نعم بأعينهم هاتين! قلت: فإنَّ قومًا يقولون ناظرة بمعنى مُنتظِرةٌ إلى الثواب؟ قال: بل تنظر إلى الله، أما سمعت قول موسى: رب أرني أنظر إليك143 {الأعراف: 143} أتراه سأل مُحالاً؟ قال الله: لن تراني في الدنيا، لأنَّها دار فناء. فإذا صاروا إلى دار البقاء، نظروا بما يبقى إلى ما يبقى قال تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون 15 {المطففين: 15} كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"" (38).

2 - وتراه يدعو إلى السُّنَّة، ويحثُّ على لزُومها، ويحذِّر من البدع على أشكالها:

فيقول - رحمه الله، وبلَّل بالمغفرة ثراه -:

"سَنَّ رسُول الله {ووُلاة الأمر بعده سُنَنًا، الأخذُ بها اتِّبَاعٌ لكتاب الله واستكمالٌ بطاعة الله وقُوَّةٌ على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين، ووَلاَّه الله ما تولى، وأصلاه جَهنَّم وساءت مصيرًا" (39).

"لن يأتي آخر هذه الأمَّة بأهدى مما كان عليه أولها".

"السُّنَّة سفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها هلك" (40).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير