تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن وهب: "سئل مالك عن الدَّاعي يقول: يا سيدي! فقال: يُعجبني دعاء الأنبياء: (ربنا! رنا!) " (41).

3 - وتراه ينهى عن الجدل والمِرَاء في الدِّين، ويأمر بالسَّير على سَنَن السَّالفين:

فيقول - رحمه الله، وبلَّل بالمغفرة ثراه -:

"الجدال في الدِّين ينشئ المراء ويذهب بنور العلم من القلب ويقسي ويورث الضغن" (42).

"أكُلَّما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبرائيل على محمَّد {لجدله" (43).

قال معن: "انصرف مالك يومًا فلحقه رجل يقال له أبو الجويرية مُتَّهمٌ بالإرجاء، فقال: اسمع مني! قال: احذر أن أشهد عليك! قال: والله ما أريد إلاَّ الحق، فإن كان صوابًا فقل به أو فتكلم! قال: فإن غلبتني؟ قال: اتبعني! قال: فإن غلبتك؟ قال: اتبعتك! قال: فإن جاء رجل فكلمنا فغلبنا؟ قال: اتبعناه! فقال مالك: يا هذا، إن الله بعث محمَّدًا {بدين واحد وأراك تتنقل! " (44).

قال الشَّافعي: "كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أما إنِّي على بَيِّنَةٍ من ديني، وأمَّا أنت فشَاكٌّ، اذهب إلى شَاكٍّ مثلك فخاصمه، ثم قرأ: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله108 {يوسف: 108} الآية" (45).

4 - وتراه يحضُّ على العلم والتَّعَلُّم، ويُرشِد إلى الآداب التي ينبغي أن يكون عليها العالم:

فيقول - رحمه الله، وبلَّل بالمغفرة ثراه -:

"العلم حيث شاء الله جعله، ليس هو بكثرة الرواية" (46).

"حقٌّ على مَن طَلبَ العلم أن يكون له وقارٌ وسكينةٌ وخَشيَةٌ. والعلم حسنٌ لمن رُزِقَ خَيرُهُ، وهو قَسْمٌ من الله تعالى. فلا تُمَكِّن الناس من نفسك؛ فإنَّ من سعادة المرء أن يُوفَّقَ للخير، وإن مِن شِقوَةِ المرء أن لا يَزَال يخطئ. وذُلٌّ وإهانةٌ للعلم أن يتكلَّم الرجل بالعلم عند من لا يطيعه" (47).

"كان الرجل يختلف إلى الرجل ثلاثين سنة يتعلم منه" (48).

"إنَّ الرجل إذا ذهب يمدح نفسه ذهب بهاؤه" (49).

وكتب إليه عبدالله العمري يحضُّه على الانفراد والعمل وترك اجتماع الناس عليه في العلم، فأجابه مالك بقوله: "إنَّ الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرُبَّ رجل فُتح له في الصَّلاة ولم يفتح له في الصَّوم، وآخر فُتح له في الصَّدقة ولم يفتح له في الصَّوم، وآخر فُتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصَّلاة، ونَشرُ العلم وتعليمُه من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح الله لي من ذلك، وما أظنُّ ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خيرٍ وبِرٍّ، ويجب على كُلِّ واحد مِنَّا أن يرضى بما قسم الله له. والسَّلام" (50).

منهجه في انتقاء الحديث ونقد الرجال:

يعتبر الإمام مالك من أئمة الجرح والتعديل، ومن أئمة الحديث الكبار، وهو أول من سلك منهج التحري وتوخي الصحيح، وانتقاء الأحاديث، وفق ضوابط محددة. وهو ممن التزم الدقة والاحتياط والنقد في الرواية، قال الربيع تلميذ الشافعي: سمعت الشافعي يقول: كان مال إذا شك في الحديث طرحه كله (51).

قال مطرف بن عبدالله: أشهد لسمعت مالكاً يقول: أدركت ببلدنا هذا مشيخة لهم فضل صلاح وعبادة يحدثون، فما كتبت عن أحدهم حديثاً قط، قلت: لم يا أبا عبدالله؟ قال: لأنهم لم يكونوا يعرفون ما يحدثون، وكنا نزدحم على باب ابن شهاب (52).

وقد قال: لا يؤخذ العلم من أربعة، ويؤخذ مما سواهم: لا يؤخذ من سفيه، ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من كذاب يكذب في حديث الناس، ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث (53).

قال بشر بن عمر الزهراني: سألتُ مالكاً عن رجل؟ فقال: هل رأيته في كتبي؟ قلت لا، قال: لو كان ثقة لرأيته في كتبي.

وعلق الحافظ الذهبي قائلاً: فهذا القول يعطيك بأنه لا يروي إلا عمن هو عنده ثقة، ولا يلزم من ذلك أنه يروي عن كل الثقات، ثم لا يلزم مما قال أن كل من روى عنه وهو عنده ثقة، أن يكون ثقة عند باقي الحفاظ، فقد يخفى عليه من حال شيخه ما يظهر لغيره، إلا أنه بكل حال كثير التحري في نقد الرجال، رحمه الله (54).

كتبه ومؤلفاته:

له مصنفات بديعة ماتعة مفيدة، تدل على إمامته، وتمكنه في العلم، وكل من جاء بعده، فعلى منواله نسج، وطريقه سلك وانته وأشهر كتبه بل أشهر كتب الحديث:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير