قلت: الأمر كما قال، عدا شيخ الطبراني، فلم أقف على ترجمته، والعبارة التي قالها الهيثمي - رحمه الله تعالى - لا تكفي للحكم على الحديث بالصحة أو الحسن، فقد يكون الرجال موثقين، والحديث شاذًّا أو معللاً، فضلاً عن كون وصفهم بهذه العبارة أقلَّ مرتبة من توثيقهم، وهذا متحقِّق في إسناد هذا الحديث، فإن فيهم من تُكُلِّمَ فيه.
ففي إسناد الحديث موسى بن عامر، وهو وإن كان ابن حبان قد ذكره في الثقات؛ إلا أن أبا داود السجستاني كان لا يحدث عنه، ووصفه ابن عدي بأن عنده أفراد وأحاديث يَعِزُّ وجودها عند غيره، وهذا من ابن عدي فيه إشارة إلى وقوع الغرائب والمناكير في مروياته.
وفي إسناد الحديث عنده كذلك عراك بن خالد بن يزيد، قال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بقوي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أغرب وخالف، وذكر المزي في ترجمته من "تهذيب الكمال" (19/ 544): أن أبا داود قد أخرج له هذا الحديث في القَدَر.
أما حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5/ 186)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 227)، قال الهيثمي في "المجمع" (10/ 433): رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب، وهو كذاب، وقال الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (2/ 161): موضوع.
أما مرسل الحسن البصري، فقد رواه عبدالله في زوائد الزهد (ص33)، وروى الإمام أحمد في "الزهد" (ص286) لفظًا قريبًا منه مع بعض اختلاف من حديث الحسن مرفوعًا أيضًا.
ورواه الدارمي في مسنده (1/ 108) عن الحسن مقطوعًا، ولم يرفعه.
ومعلوم أن مراسيل الحسن البصري - رحمه الله تعالى - من أوهى المراسيل عندهم.
تنبيه: اللفظ الذي ذكره المصنف الظاهر أنه أورده من حفظه، ولم أقف في أي من طرق الحديث على لفظ "ذليلة" في آخره، وإنما هذا شرح لمعنى الكلمة الأخيرة من الحديث"راغمة"
[8] أخرجه أبو داود (2/ 346)، وابن ماجه (1/ 92)، وأحمد في مسنده (2/ 338)، وابن حبان في صحيحه (1/ 279)، والعقيلي في "الضعفاء" (3/ 466)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 160)، وغيرهم من طرق، عن فُليح بن سليمان، عن أبي طوالة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا.
قال العقيلي - بعد أن رواه في ترجمة فليح -: الرواية في هذا الباب لينة.
قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (10/ 399) - بعد أن أورد كلام العقيلي -: "هذا الحديث على نكارته على شروط الشَّيخين، ولم يخرجاه". اهـ. كذا قال.
وقال الحاكم في "المستدرك": هذا حديث صحيح، سنده ثقات على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال النَّووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص13): رواه أبو داود بإسناد صحيح، وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (1/ 39): أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد.
وأخرجه الدارمي في مسنده (1/ 92) من طريق محمد بن عمارة بن حزم، عن أبي طوالة عبدالله بن عبدالرحمن مرسلاً أو معضلاً، قال الدارقطني في "العلل" (11/ 10) - بعد أن ذكر رواية فليح الموصولة المسندة، ثم هذه الرواية المرسلة -: "المرسل أشبه بالصواب".
وقد صَحَّح الألباني في "صحيح الترغيب" (1/ 25) الحديث لغيره.
[9] رواه الدارمي في مسنده (1/ 113)، والفَسَوي في "المعرفة والتاريخ" (1/ 712)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (57/ 37،36)، وذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام"، في ترجمة الإمام مجاهد بن جبر (7/ 237)، وقد حَسَّن إسناده حسين سليم أسد في تعليقه على الدارمي.
وقد رواه خيثمة الأطرابلسي في حديثه (ص170)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (2/ 267) عن حبيب بن أبي ثابت، وهو أيضًا تابعي ثقة، فقيه، جليل القدر.
[10] أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2/ 381)، (5/ 120)، وابن أبي خيثمة في تاريخه - كما في التعديل والتجريح للباجي (3/ 1083) - والخطيب في "الرحلة في طلب الحديث" (برقم 44،42،41)، وفي "الجامع لأخلاق الراوي" (2/ 226برقم 1688)، من طرق عن مالك بن أنس أنَّه بلغه أن سعيد بن المُسيّب قال، فذكره بنحوه.
ورواه الخطيب في "الرحلة" (برقم43)، و"الجامع" (برقم 1689) من طريق خالد بن نزار، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب موصولاً.
وخالد ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 224،223)، وقال: يُغرب ويُخطئ.
¥