تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتلاحظ أنك إذا رسمت الخط الواصل من الجزء الشرقي للوادي (يلملم) فسوف يمر شرق الكعبة!

فعليه يتصور أن من جاء من سواكن أو جدة مطلقاً لن يحاذي ميقاتاً.

وللتنبيه فإن الشيخ عدنان لم يتنبه لهذا وذلك لاعتماده على خرائط بدائية بالإضافة إلى أن رسمه حفظه الله للخطوط غير دقيق لهذا ظن أن جدة واقعة على الخط الممتد من الجحفة إلى يلملم ومن حقق عرف أنها تقع غرب الحرم والخط يمر بالحرم، وههنا تنبيه آخر وهو أن الشيخ إبراهيم الصبيحي حفظه الله وسدده لم يتنبه لهذا أيضاً فقد أنكر على الشيخ عدنان ميله بالخط جهة الغرب ليجعل جدة محاذية مع أن الخط شرقها، وهذا بمجرده لا يضير الشيخ عدنان أو ينقض مذهبه في اعتبارها ميقاتاً خلافاً لما يظهر من كلام الشيخ الصبيحي ومن كلامك أنت أيضاً في هذا البحث لأن ما كان غرب الخط فهو قبل حذاء الميقات فلا يضر الإحرام منه عند الجمهور، لكن نقض قول الشيخ عدنان حفظ الله الجميع ببيان أن هذا الخط لا يصلح أن يكون حذاء ميقات لمروره داخل الحرم ولاسيما وأن الشيخ عدنان يقول إن يلملم هو الوادي.

وأنبه في الختام على مساءل تطرقت إليها أحببت التنبيه إليها بأدنى إشارة:

الأولى: طريقة تخريجك معنى المحاذاة على كلام بعض الأصحاب ونسبت ما فهمته للمذهب فيها نظر، أعني بذلك قولك: "والذي يظهر والله أعلم أن مراد الفقهاء -على الأقل الحنابلة أصحابنا- هو الثالث"، فما هكذا تخرج مذاهب الفقهاء.

وقد أوضحت فيما سبق عدم انسجام ما شرحت به القول الثالث على أحرف النقول التي بنيت عليها مرادهم.

ولو لم يكن ذلك كذلك وكان قولهم كما ذكرت منسجماً مع ما رأيت، فإن تخريج فرع على فرع مسألة لها أصول لا يرمى بها هكذا!

فهل من نقلت عنهم ابتداء هم كل الأصحاب أم بعضهم؟

فإذا كان ما بنيت عليه إنما هو قول بعض الأصحاب وافقوا فيه مشهور مذهب آخر فهل هم من أصحاب الوجوه أو الروايات في المذهب أم ماذا؟

وقولهم هل هو اجتهاد ينسب لمذهب الإمام وما مبناه هل خرجوا أم وجدوا رواية أم قولاً أم نصاً؟

ثم هل ظاهر قولهم لا يفهم منه إلاّ ما ذكرت أم قد يفهم فهوماً أخرى.

كل هذا يحتاج إلى تمحيص قبل الحكم بأن مراد الأصحاب كذا، ولو جئت تطبقه على المسألة بدا لك إشكال فيه.

الثانية: ما ذكرته في الرابط المحال عليه من أن الأول قول المالكية فما هكذا تخرج مذاهبهم كما قيل فيما سبق، وكذلك فيه غلط على المالكية، فالمحاذاة في البحر تتصور على القول الأول والثاني والثالث جميعاً، أما الثاني فظاهرة بأدنى تأمل لحال أهل مصر القادمين إلى جدة، وأما الثالث فقد بينت لك أن شرحه على ما شرطت ليس بجيد.

وكذلك الشأن في المعنى عند الشافعية ما هكذا يخرج مذهب القوم، وهو غلط عليهم فقد نص من نص منهم على تأخير إحرام اليمني إلى جدة على أن جدة حذاء يلملم، وهذا يتصور على القول الثاني والأول بل والثالث بحسب شرحك له إذا قدم إليها من طريق محتمل ممكن له ويمكنك أن ترسم خطاً من يلملم إلى جدة ثم ترسم خطاً للقادم من البحر من جهة اليمن يتقاطع مع الخط الأول بـ 90 درجة!.

الثالثة: بعض كبار مشايخنا يفسر المحاذاة بمعنى أشبه إلى ما أشرت إلى أصله في القول الثالث، لكنه يجعل المعتبر في محل المحاذة جهة الميقات للقادم من مكة، فميقات مكة للقادم من جهة الشمال ذو الحليفة فمنه ارسم خطا يمر من الشرق إلى الغرب الجغرافي فذاك حذاء ذي الحليفة يمر به من جاء من جهة الشمال، وميقات القادم من الشرق قرن فمنه ارسم خطا يمر به من الشمال إلى الجنوب فهذا حذاؤ قرن عنده للقادم من الشرق، وميقات القادم من الجنوب يلملم فمنه ارسم خطا يمر من الشرق إلى الغرب فمن مر به من الجنوب فقد حاذى يلملم، وميقات أهل الغرب الجحفة فمنه ارسم خطا يمر من به من الشمال إلى الجنوب فمن حاذاه فق حاذى الجحفة وحذا المواقيت على هذا القول تحددها أضلاع مستطيل لا يتجاوزها أحد دون إحرام، وقال: ولذا كان ميقات أهل العراق حذاء قرن بهذا الاعتبار، أما رابغ فنص الفقهاء على أنهم احتاطوا للميقات فقدموه قليلاً، وعلى هذا القول كذلك مناقشات واعتراضات تطول وإنما ذكرته لأبين معنى آخر ذهب إليه بعض أهل العلم المعروفين للمحاذاة.

رابعاً: القول المتجه فيما يظهر لمعنى المحاذاة هو ما نقله ابن الأثير وغيره، وهو حاصل القول الثاني فيما ذكرتَه ههنا، بقيد اعتبار جهة القادم فلا يحاذى بغير ميقات جهته، ولايتعدى نقطة محاذة ميقات جهته لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لكل أهل ناحية ميقاتاً وقال هن لهن ولمن أتى عليهن، فمن جاء من تلك الناحية من أهلها أو غيرهم لزمه اعتبار ميقات أهل تلك الناحية وهل له تجاوزه إلى محاذاة ميقات ناحيته الأصلية إذا كانت محاذاتها بعده فيه خلاف للمالكية مشهور، ومن علم أن كل نقطتين في الفراغ متحاذيتين يمكن الوصل بينهما بخط مستقيم، لاحظ أن تقييد ذلك بغير جهة المَقْدَم، وبعد القادِم من مكة باعتبار ما يحاذيه فيه نوع تحكم، والله أعلم.

خامساً: من قال بإمكان عدم المحاذاة فإما أنه بنى القول على منع اعتبار المحاذاة في البحر وكذا الهواء، أو قال به لكنه لم يتصور أماكن المواقيت من مكة تصوراً دقيقاً، أو حد للمحاذاة حداً خاصاً به قد يختلف.

سادساً: أرفق في ردي اللاحق -إن شاء الله- بعض الصور المذكورة في هذا الرد توضح شيئاً مما قيل هنا.

والله يحفظكم وأسأله أن يفتح علي وعليكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير