تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالعزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[21 - 11 - 09, 04:54 م]ـ

-: القول المختار:

وبعد هذه الجولة والمراجعة لكتب الأئمة، والتعرف على مذاهب العلماء وأقوالهم، يترجح لي قول الشافعية، ولعله رواية عن الإمام أحمد، وإن كانت غير المشهورة، فتكون الرخصة خاصة بمن يأتي إلى العيد من مكان بعيد، كأهل العوالي ونحوهم، وذلك من باب التخفيف عليهم، فإنهم يأتون من مسيرة ساعتين أو نحوها، فقد يسير بعضهم قبل الفجر بساعة أو أكثر، ويضطرون إلى الرجوع إلى أهليهم على أرجلهم، أو على رواحل عادية كالحمر والإبل، وذلك قد يستغرق ساعتين أو نحوها، فلو لزمهم الرجوع إلى الجمعة لساروا راجعين نحو ساعتين، ثم رجعوا مثلها، فينقضي عيدهم ذلك كله في ذهاب ورجوع، وفي هذا من المشقة والصعوبة ما يخالف تعاليم الإسلام، وما جاء فيه من السهولة والتيسير، ونفي الحرج والضرر عن المسلمين، كما قال تعالى:} يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ] {سورة البقرة: 185 [وقال تعالى:} مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ] {سورة المائدة: 6 [

-: حال الناس في الزمان الأول:

وهذا هو الواقع ممن عرفناه قبل خمسين عاما في القرى والمدن، حيث يأتون إلى صلاة العيد أو صلاة الجمعة من مسيرة ساعتين أو ثلاث، والكثير منهم يسيرون على أقدامهم حفاة ومنتعلين، ويتحملون ما في ذلك من المشقة والصعوبة، رغبة في الخير، وكثرة الأجر الذي يترتب على شهود الجمعة، مما هو مذكور في كتب الفضائل والأحكام، ولا شك أن تكليفهم بالرجوع لصلاة الجمعة يشق عليهم.

وحيث إن يوم العيد يوم فرح وسرور وابتهاج، فإن المعتاد تزاور الأقارب فيه، وتبادلهم التهاني والدعاء من بعضهم لبعض بالقول والبركة، وهذا مما يحتاج معه إلى لزوم منازلهم؛ ليقصدهم إخوتهم وأصدقاؤهم للتهنئة والتبريك، فإذا انشغلوا يوم العيد، وقطعوا فيه نحو ثمان ساعات ذهابا وإيابا، فات عليهم ما فيه غيرهم من الفرح والابتهاج فأما أهل المصر ومن حول المساجد الجوامع فلا مشقة عليهم في الإتيان إلى الجمعة، وأداء فريضتها؛ لوجوبها على الأعيان الذين يسمعون النداء، أو يقربون من محل إقامة الجمعة، فقد ورد الأمر بالإتيان إليها عند النداء بقول الله تعالى:} إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ {] سورة الجمعة الآية 9 [فهذا الخطاب عام لكل من سمع النداء أو كان قريبا من محل الصلاة، ولا مخصص له.

ولما ورد من الوعيد الشديد في ترك الجمعة، كقوله صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة ثلاث مرار من غير عذر طبع الله على قلبه ([70])، رواه أحمد وغيره عن جابر " وإسناده حسن".

ومثله حديث أبي الجعد الضمري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه ([71])، رواه أحمد وغيره، وحسنه الترمذي.

وقوله صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ([72]) رواه مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة.

وروى النسائي عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رواح الجمعة واجب على كل محتلم ([73])، وغير ذلك من الأدلة على وجوب حضور الجمعة، وإثم من تركها، وقد ورد ثواب الخطوات إلى الجمعة، وفضل التقدم إليها، وكتابة الملائكة للأول فالأول، وكفارتها لما بينها وبين الجمعة الثانية، وغير ذلك من الفضائل التي تفوت من تركها، ولم يرد مثل ذلك في صلاة العيد، وإن كانت من القربات، ومما يحصل بها أجر الذهاب والانتظار، والصلاة والتكبير، واستماع الخطبة ونحو ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير