تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: أنه استدل بأول الحديث ((تداووا عبادالله)) وحذف آخره، وهو قوله صلى الله عليه وسلم ((ولا تداووا بحرام))، وهو حجة عليه لا له. وهذا يشبه من وقف على آية {فويل للمصلين} ولم يكملها.

وقوله صلى الله عليه وسلم في الرقية أيضاً ((استرقوا لها .. )) قد جاء في الحديث الآخر ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)).

وفي الحديث الآخر أيضاً ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)).

ثالثا: قوله " لا حلّ لديهم سوى أمر الناس بالصبر "، ليس صحيحاً، فإنهم أجازوا حل السحر بالأسباب المشروعة، وقد ذكروها في كتبهم، ومنها:

1 – الرقية بفاتحة الكتاب وبالمعوذات وبسورة البقرة، وبغيرها من الآيات.

2 – الرقية بالأذكار الواردة في السنة.

3 – العلاج بالحجامة.

4 – النشرة المباحة بأوراق السدر وبالعسل وبماء زمزم ونحوها.

5 – الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أثر السحر.

6 – استخراج السحر.

فكيف يزعم الشيخ أنه لا حلَّ لديهم سوى أمر الناس بالصبر؟

رابعاًً: والأمر بالصبر أمر بما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما لا يكاد يحصى عدده من النصوص.

وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم تلك المرأة السوداء التي اشتكت إليه أنها تصرع وتتكشف، وسألته أن يدعو لها، والدعاء مشروع، لا خلاف في ذلك، لكنه صلى الله عليه وسلم رغّبها في الصبر، لتنال الحسنى في الآخرة، فقال لها ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)).

قالت " أصبر ". ثم قالت " فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها ". رواه البخاري [10/ 99] ومسلم [2576].

ومثله حديث الأعمى الذي جاءه يسأله أن يدعو الله ليرد إليه بصره. رواه الترمذي [5/ 569].

ومثله حديث خباب حين شكوا للرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فذكر لهم صبر المؤمنين من قبلهم على البلاء، رواه البخاري [7/ 126].

فإذا كان هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن سأله الدعاء لكشف الضر، من مرض وغيره، والدعاء سبب مشروع، فحثهم صلى الله عليه وسلم على الصبر، ورغب فيه، ووعد عليه الجنة، فكيف لا يؤمر بالصبر على ترك التداوي بالكفر والسحر؟.

الصارم المشهور

ومن العجيب أيضاً في رسالة الشيخ العبيكان، تسميتها ب " الصارم المشهور على من أنكر حل السحر بسحر عن المسحور "!

فكيف يسوغ أن يشهر السيف على منكري حل السحر بالسحر، وهم جمهور أئمة المسلمين من السلف والخلف، ووافقهم على ذلك أكثر العلماء وطلبة العلم وكثير من العوام أيضاً، فهم ينكرون ذلك أشد الإنكار، لما تقدم ذكره من نصوص القرآن والسنة والآثار، ولما ركِّب فيهم من الفطرة في اجتناب السحر والسحرة، ولما تقرر عندهم أيضاً، أن السحر لا يأتي بخير، وأن السحرة هم أخبث الناس وأفسد الناس، ولا يكاد يخالف أحد في ذلك، إلا من غلب على عقله أو اتبع هواه فأرداه.

ولقد عكس الشيخ العبيكان القضية، وقلبها رأساً على عقب، فإن الآثار قد جاءت بإشهار السيف على السّحار لا على المؤمنين الأخيار!

ولقد علمت مما تقدم – أخي القارئ – أن منكري حل السحر بالسحر، هم جماهير العلماء من السلف والخلف، فكيف ساغ للشيخ العبيكان أن يختار لرسالته مثل هذا العنوان؟

ولا يعفيه قوله " ولا أقصد بهذا العنوان من خالف من العلماء، ورأى التحريم، كما سيأتي، ولكن من أنكر القول الآخر وعنف القائلين بالجواز من الأئمة والفقهاء، لقلة علمه وسفاهة رأيه "!

قال سمير: وهذه فلسفة كمضغ الماء، فإن من المعلوم بداهة أن أصحاب القول الآخر من العلماء ممن يرى تحريم حل السحر بالسحر، منكرون لمذهب المبيحين له غاية الإنكار، ويعدونه من المذاهب الضعيفة الشاذة التي تعارض نصوص الكتاب والسنة وآثار الصحابة.

ويكفي في بيان ضعف هذا المذهب مخالفته للنصوص الصريحة في المنع والتحريم.

وقد تقدم بيان أن الأئمة الذين حكي عنهم إباحته، كابن المسيب والإمام أحمد وغيرهما، لم يقصدوا حل السحر بالسحر.

فلم يبق من القائلين به إلا عدد قليل، زادهم العبيكان ضعفاً وقلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير