ثبت عن ابن جريج ـ رحمه الله ـ أنه قال: قلت لعطاء: ((يرفع الإمام يديه كلما كبر هذه التكبيرات الزيادة في صلاة الفطر؟ قال: نعم، ويرفع الناس أيضاً)) رواه عبد الرزاق (5699).
وقال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في "شرح السنة" (4/ 310):
ورفع اليدين في تكبيرات العيد سنة عند أكثر أهل العلم. اهـ
وباستحباب هذا الرفع يقول:
ابن قيم الجوزية وابن باز وابن عثيمين.
المسألة التاسعة / وهي عن قضاء صلاة العيد.
من فاتته ركعة من صلاة العيد أو أدركهم في التشهد أو فاتته صلاة العيد كلها هل يشرع له أن يقضي؟ وإن قضى فعلى أي صفة؟.
قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة برئاسة العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـكما في "الفتاوى" (8/ 306 - 307رقم: 4517):
من فاتته صلاة العيد وأحب قضاءها استحب له ذلك، فيصليها على صفتها من دون خطبة بعدها، وبهذا قال الإمام مالك والشافعي وأحمد و النخعي وغيرهم من أهل العلم، والأصل في ذلك قوله r:
(( إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا)) وما روي عن أنس: ((أنه كان إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاة فيصلى بهم ركعتين يكبر فيهما)).
ولمن حضر يوم العيد والإمام يخطب أن يستمع الخطبة ثم يقضي الصلاة بعد ذلك حتى يجمع بين المصلحتين. اهـ
وقالت أيضا:
ومن أدرك التشهد فقط مع الإمام من صلاة العيدين صلى بعد سلام الإمام ركعتين يفعل فيهما كما فعل الإمام من تكبير وقراءة وركوع وسجود. اهـ
المسألة العاشرة / وهي عن خطبة العيد وهل هي واحدة أو اثنتان.
للعيد خطبتان لا واحدة، يفصل بينهما بجلوس، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم، وقد نقله عنهم ابن حزم الأندلسي ـ رحمه الله ـ في"المحلى" (3/ 543مسألة:543) فقال:
فإذا سلم الإمام قام فخطب الناس خطبتين يجلس بينهما جلسة، فإذا أتمها افترق الناس، فإن خطب قبل الصلاة فليست خطبة، ولا يجب الإنصات له، كل هذا لا خلاف فيه إلا في مواضع نذكرها إنشاء الله تعالى. اهـ
ونقل جمال الدين ابن عبد الهادي الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "مغني ذوي الأفهام" (7/ 350مع غاية المرام) اتفاق المذاهب الأربعة على الخطبتين.
وقال العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ في "الشرح الممتع" (5/ 145):
هذا ما مشى عليه الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أن خطبة العيد اثنتان. اهـ
وقد ثبت عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة ـ رحمه الله ـ أنه قال:
((يكبر الإمام على المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثم يخطب، وفي الثانية سبع تكبيرات)).
وعبيد الله هذا، قال عنه الحافظ ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ:
هو أحد الفقهاء العشرة ثم السبعة الذين تدور عليهم الفتوى. اهـ
وقال الحافظ ابن حبان ـ رحمه الله ـ:
وهو من سادات التابعين. اهـ
وثبت عن إسماعيل بن أمية ـ رحمه الله ـ وهو من أتباع التابعين أنه قال: ((سمعت أنه يكبر في العيد تسعاً وسبعاً ـ يعني: في الخطبة)).
وهذان الأثران يؤكدان الخطبتان، وجريان العمل في عهد السلف الصالح بذلك.
وقد ذهب بعض المعاصرين ـ سلمهم الله ـ إلى أن للعيد خطبة واحدة، وقالوا: ظاهر أحاديث خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في العيد يشعر بأنه لم يخطب إلا واحدة.
ويقال جواباً عن هذا القول:
أولاً: الوارد في الأحاديث محتمل وليس بصريح، وذلك لأنه ليس فيها النص على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا واحدة.
ثانياً: هذا الفهم مدفوع بالإجماع الذي نقله ابن حزم.
ثالثاً: هذه الأحاديث معروفة مشهورة عند السلف الصالح، وأئمة السنة والحديث، ومع ذلك لم يكن هذا فهمهم، وهم عند الجميع أعلم بالنصوص وأفهم، ومتابعتهم وعدم الخروج عن فهمهم وعملهم أحق وأسلم.
رابعاً: أنه يكبر أن تكون السنة خطبة واحدة، ثم يتتابع أئمة السنة والحديث من أهل القرون المفضلة على مخالفتها، ثم لا يعرف بينهم منكر، ومبين للسنة، لا سيما والخطبة ليست من دقائق المسائل التي لا يطلع عليها إلا الخواص، بل من المسائل الظاهرة التي يشهدها ويشاهدها ويدركها العالم والجاهل، والصغير والكبير، الذكر والأنثى.
المسألة الحادية عشرة / وهي عن بدأ خطبتي العيد بالتكبير.
بدأ خطبة العيد بالتكبير جرى عليه عمل السلف الصالح.
قال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في "المغني" (2/ 239):
¥