وقال سعيد ـ يعني: ابن منصور ـ: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة قال: ((يكبر الإمام على المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثم يخطب، وفي الثانية سبع تكبيرات)) وسنده صحيح.
وعبيد الله هذا، قال عنه الحافظ ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ:
هو أحد الفقهاء العشرة ثم السبعة الذين تدور عليهم الفتوى. اهـ
وقال الحافظ ابن حبان ـ رحمه الله ـ:
وهو من سادات التابعين. اهـ
وقال إسماعيل بن أمية ـ رحمه الله ـ وهو من أتباع التابعين:
((سمعت أنه يكبر في العيد تسعاً وسبعاً ـ يعني: في الخطبة)) رواه عبد الرزاق (3/ 290) بسند صحيح.
وبهذا قال عامة أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، بل جاء في مذاهبهم أنه يسن، وقد نقل اتفاقهم على ذلك العلامة ابن مفلح ـ رحمه الله ـ في "الفروع" (2/ 141 - 142).
وعلى هذا التكبير بوب جماعة كثيرة من أهل الحديث في مصنفاتهم،
ولم أجد أحداً ذكر عن السلف غير ذلك، أو أن أحداً من الفقهاء المشهورين خالف.
المسألة الثانية عشرة / وهي عن شهود خطبة العيد.
وتحت هذه المسألة فرعان:
الفرع الأول: وهو عن الجلوس لاستماعها.
من صلى مع الإمام فالسنة في حقه أن لا ينصرف حتى يسمع الخطبة.
قال الحافظ ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/ 61):
وعلى هذا جماعة الفقهاء. اهـ
وهو المعمول به على عهده r، فقد قال أبو سعيد الخدري t: (( كان النبي r يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم ـ ولمسلم: ـ في مصلاهم ـ فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم)) رواه البخاري (956) واللفظ له، ومسلم (889).
وأما حديث: ((إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب)).
فأكثر أهل العلم على أن الصواب فيه أنه مرسل، ومنهم:
ابن معين وأبو زرعة الرازي والنسائي وأبو داود والبيهقي والوادعي. والمرسل من أقسام الحديث الضعيف.
الفرع الثاني: وهو عن الكلام في أثنائها.
يكره لمن حضر الخطبة الكلام مع غيره من المصلين، أو عبر الهاتف الجوال، وذلك لما فيه من الانشغال عن الانتفاع بالخطبة، والتشويش على المستمعين، والإخلال بأدب حضور مجالس الذكر.
قال ابن بطال ـ رحمه الله ـ في "شرح صحيح البخاري" (2/ 572):
وكره العلماء كلام الناس والإمام يحطب. اهـ
المسألة الثالثة عشرة / وهي عن التهنئة بالعيد.
التهنئة بالعيد جرى عليها عمل السلف الصالح من أهل القرون المفضلة وعلى رأسهم الصحابة y.
وقد قال الإمام الآجري ـ رحمه الله ـ عن هذه التهنئة:
فعل الصحابة وقول العلماء. اهـ
وقال الإمام مالك بن أنس ـ رحمه الله ـ عنها:
لم يزل يُعرف هذا بالمدينة. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ:
وَرُوِّينَا في "المحامليات" بإسناد حسن عن جبير بن نفير أنه قال:
((كان أصحاب رسول الله r إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك)).اهـ
وقال أيضا:
وَرُوِّينَا في كتاب "التحفة" بسند حسن إلى محمد بن زياد الألهاني أنه قال: ((رأيت أبا أمامة الباهلي صاحب رسول الله r يقول في العيد لأصحابه: تقبل الله منا ومنكم)) وقال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ: إسناد حديث أبي أمامة إسناد جيد. اهـ
وينظر:
[فتح الباري لابن حجر (2/ 446) والمغني (3/ 295) وجزء التهنئة لابن حجر (34 - 40) والحاوي (1/ 82) والفروع) 2/ 150) وتمام المنة (355)].
تنبيه وتذكير:
بعض الناس قد يُهنئ بالعيد قبل حلوله بيوم أو أكثر أو يهنئ به في ليلته، والمنقول عن السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ أنهم كانوا يُهنئون في نهار يوم العيد، والأحب فعلهم.
المسألة الرابعة عشرة / وهي عن صيام يومي العيد.
والمراد بيومي العيد:
يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى.
وقد أخرج البخاري (1991) ومسلم (827) عن أبي سعيد الخدري tأنه قال: ((نهى النبي r عن صوم يوم الفطر والنحر)).
وقال الحافظ ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في "التمهيد" (13/ 26):
وصيام هذين اليومين لا خلاف بين العلماء انه لا يجوز على حال من الأحوال لا لمتطوع ولا لناذر ولا لقاض فرضاً ولا لمتمتع لا يجد هدياً ولا لأحد من الناس كلهم أن يصومهما، وهو إجماع لا تنازع فيه. اهـ
المسألة الخامسة عشرة / وهي عن صيام أيام التشريق.
أيام التشريق هي:
¥