الأيام الثلاثة التي بعد يوم عيد الأضحى.
وهذه الأيام لا يجوز صيامها لا تطوعاً ولا فرضاً إلا لمن لم يجد الهدي، وبه قال أكثر أهل العلم.
وذلك لما أخرجه البخاري (1997– 1998) عن عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما قالا: ((لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي)).
وثبت عن أبي مرة مولى عقيل أنه دخل هو وعبد الله بن عمرو بن العاص وذلك الغد أو بعد الغد من يوم الأضحى، فَقَرَّبَ إليهم عمرو بن العاص طعاماً، فقال عبد الله: إني صائم، فقال له عمرو:
((أفطر فإن هذه الأيام التي كان رسول الله r يأمر بفطرها، وينهى عن صيامها، فأفطر عبد الله فأكل وأكلت)) رواه ابن خزيمة
(2149) والدا رمي (1808).
المسألة السادسة عشرة / لا عيد للمسلمين إلا عيدان.
قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ كما في " مجموع فتاويه ورسائله" (3/ 111): إن جنس العيد الأصل فيه أنه عبادة وقربة إلى الله تعالى. اهـ
وقال أنس بن مالك ـ t: (( كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي r المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى)).
رواه النسائي (1556) وأبو داود (1134) وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله في "فتح الباري" (2/ 513): إسناده صحيح. اهـ
وقال العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ في "الشرح الممتع" (5/ 113) عقب هذا الحديث:
وهذا يدل على أن الرسول r لا يحب أن تُحِدث أمته أعياداً سوى الأعياد الشرعية التي شرعها الله عز وجل. اهـ
المسألة السابعة عشرة / وهي عن التكبير في أيام العشر الأول من شهر ذي الحجة، ويوم عيد الأضحى، وأيام التشريق.
وتحت هذه المسالة ثمانية فروع:
الفرع الأول: وهو عن مشروعية التكبير في أيام العشر:
التكبير في أيام العشر جرى عليه العمل في أيام السلف الصالح من أهل القرون المفضلة وعلى رأسهم أصحاب النبي r.
وقد قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في "صحيحه" (عند حديث رقم:969):
((وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما)).
وزاد غيره: ((لا يخرجان إلا لذلك)).
وقال ميمون بن مهران ـ رحمه الله ـ: ((أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر)).
وهذا التكبير مشروع في حق سائر الناس من الرجال والنساء والصغار والكبار، في البيوت والأسواق والمساجد والمراكب، وفي السفر والحضر، والإنسان جالس أو راكب أو مضطجع أو وهو يمشي، وفي سائر الأوقات.
إلا أنه لا يكبر بعد صلاة الفريضة مع الأذكار بعد السلام منها، وسواء صُليت في المسجد أو في البيت أو في العمل أو أي مكان.
الفرع الثاني: وهو عن مشروعية التكبير في أيام عيد الأضحى.
التكبير في عيد الأضحى مشروع باتفاق أهل العلم، نقله عنهم ابن قدامة في "المغني" (3/ 287) والنووي في "المجموع" (5/ 38 - 39) وابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (24/ 220) وغيرهم.
وقد ثبت عن جمع من الصحابة y ومنهم:
عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأم المؤمنين ميمونة.
وينظر:
[مصنف ابن أبي شيبة (1/ 488 - 489) وسنن الدار قطني (2/ 44) والمعجم الكبير للطبراني (12/ 268و9/ 9537) والأوسط (4/ 301و305 - 306) وسنن البيهقي (3/ 312 - 315) وفتح الباري لابن رجب (6/ 123 - 131) وتغليق التعليق (2/ 378 - 380) والمطالب العالية (9/ 151) وإرواء الغليل (3/ 124 - 125)].
الفرع الثالث: وهو عن أقسام التكبير في أيام عيد الأضحى.
يشرع للناس أن يكبروا في أيام عيد الأضحى في هذين الموضعين:
أولاً: عقيب الانتهاء من أداء صلاة الفريضة.
ويسمى هذا "بالتكبير المقيد"، وذلك لأنه قيد فعله بالانتهاء من الصلاة.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري" (6/ 124):
اتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة، وليس فيه حديث مرفوع صحيح، بل إنما فيه آثار عن الصحابة، ومن بعدهم، وعمل المسلمين، وهذا يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليه لم ينقل إلينا فيه نص صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يكتفى بالعمل به. اهـ
ثانياً: في سائر الأوقات من ليل أو نهار.
¥