غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق.
فتكون أيام الذبح ثلاثة:
يوم العيد ويومان بعده، يعني: اليوم العاشر، واليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر إلى غروب شمسه.
وبهذا قال أكثر أهل العلم من السلف الصالح فمن بعدهم.
وثبت هذا القول عن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك ـ رضي الله عنهما ـ من الصحابة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ:
أيام النحر ـ يعني: الذبح ـ ثلاثة، عن غير واحد من أصحاب رسول الله r. اهـ
وقال أيضاً:
أيام الأضحى التي أجمع عليها ثلاثة أيام. اهـ
ومن ذبح قبلها لم تجزئه أضحيته بإجماع، ومن ذبح بعدها لم تجزئه أضحيته عند جماهير أهل العلم.
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى جواز ذبح الأضحية في اليوم الثالث عشر، وهو ثالث أيام التشريق.
وذلك لحديث: ((أيام التشريق كلها ذبح)).
وقد أخرجه الإمام أحمد ((4/ 82) وغيره.
وهو حديث ضعيف، وقد ضعفه أكثر أئمة الحديث ـ رحمهم الله ـ.
القسم الثالث: وهو عن الذبح ليلاً.
ذبح الأضحية في النهار أفضل، لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذبحها ليلاً جاز عند أكثر أهل العلم.
القسم الرابع: وهو عن ذبح الأضحية بعد انتهاء وقتها.
قال الوزير بن هبيرة ـ رحمه الله ـ في كتابه "الإفصاح" (1/ 560):
واتفقوا ـ يعني: الأئمة الأربعة ـ على أنه إذا خرج وقت الأضحية على اختلافهم فيه فقد فات وقتها، وأنه إن تطوع بها متطوع لم يصح، إلا أن تكون منذورة فيجب عليه ذلك، وإن خرج الوقت. اهـ
الفرع السادس عشر: وهو عن الأكل والتصدق والإهداء من لحم الأضحية.
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في "تفسيره" (12/ 32):
ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يستحب أن يتصدق بالثلث، ويُطْعِمَ الثلث، ويأكل هو وأهله الثلث. اهـ
وعن سلمة بن الأكوع t أن النبي r قال في شأن لحوم الأضاحي: ((كلوا وأطعموا وتصدقوا)) رواه البخاري (5569) ومسلم (1971).
وفي رواية لمسلم: ((كلوا وادخروا وتصدقوا)).
وتقدم قول أبي أيوب: t(( كان الرجل يضحي بالشاة عنه، وعن أهل بيته، فيأكلون ويُطْعمُون)).
وقال ابن عمر t:(( الضحايا والهدايا: ثلث لأهلك، وثلث لك، وثلث للمساكين)).
رواه ابن حزم في "المحلى" (5/ 313) وغيره، وحسنه بعض أهل العلم.
وثبت عن ابن مسعود t أنه كان يبعث بالهدي مع علقمة ثم يقول له: ((كل ثلثاً، وتصدق بثلث، وابعث إلى آل عتبة ثلثاً)) رواه ابن أبي عروبة في كتاب "المناسك" (رقم: 110) وابن أبي شيبة (4/ 88) والطبراني في "المعجم الكبير" (9/ 241 – 242) وابن حزم في "المحلى" (5/ 313).
وقال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في كتابه "المغني" (13/ 380) عن استحباب التثليث:
ولأنه قول ابن مسعود وابن عمر، ولم نعرف لهما مخالفاً في الصحابة فكان إجماعاً. اهـ
فإن لم يأكل المضحي من أضحيته شيئاً، وأطعم الفقراء جميعها جاز، وكان تاركاً للأكمل.
قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في كتابه "إكمال المعلم" (6/ 425):
وقال الطبري: جميع أئمة الأمصار على جواز أن لا يأكل منها شيئاً، ويُطعم جميعها. اهـ
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في كتابه "المجموع" (08/ 391):
بل يجوز التصدق بالجميع، هذا هو المذهب، وبه قطع جماهير الأصحاب، وهو مذهب عامة العلماء. اهـ
الفرع السابع عشر: وهو عن كيفية ذبح الأضحية.
وتحت هذا الفرع ثلاثة أقسام:
القسم الأول: وهو عن أنواع الأضحية المذبوحة.
الأضحية المذبوحة على قسمين:
النوع الأول: الإبل.
وهذه السنة فيها أن تُنْحَرَ في اللبة قائمة مقيدة.
قال أنس بن مالك t: (( نحر النبي r سبع بُدْن قياماً)) رواه البخاري (1717).
وقال زياد بن جبير ـ رحمه الله ـ: ((رأيت ابن عمر t أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها، قال: ابعثها قياماً مقيدة، سنة محمد صلى الله عليه وسلم)) رواه البخاري (1713) ومسلم (1320).
قال النووي ـ رحمه الله ـ في "شرح صحيح مسلم" (9/ 76رقم:1320):
يستحب نحر الإبل وهي قائمة معقولة اليد اليسرى ... ، وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور. اهـ
وقال العلامة ابن قاسم ـ رحمه الله ـ في كتابه "حاشية الروض المربع" (4/ 225):
قال الموفق وغيره: لا خلاف في استحباب نحر الإبل، وذبح ما سواها. اهـ
النوع الثاني: البقر والضأن والمعز.
وهذه الأنواع يستحب أن تضجع على جانبها الأيسر، ثم تذبح.
وقال العلامة ابن قاسم ـ رحمه الله ـ في كتابه "حاشية الروض المربع" (4/ 226):
¥