وقال أيضا: والنهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة، فمن لم يُصلِّ أبيح له التنفّل وإن صلى غيره، ومن صلى العصر فليس له التنفل، وإن لم يصل أحد سواه، لا نعلم في هذا خلافا عند من يمنع الصلاة بعد العصر [54].
الموضوع الاصلي هنا ( http://www.tunisia-web.com/vb/t44269.html#post134521)
ـ[ياسين بن مصدق]ــــــــ[06 - 12 - 09, 05:26 م]ـ
المبحث الثاني: جمع المقيم
فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء [55].
وفي رواية لمسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير: فسألت سعيدا: لِمَ فَعَلَ ذلك؟ فقال: سألتُ ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته.
وفي رواية له قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر.
أولاً: من مباحث الحديث الفقهية
أولاً: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أصل في جمع المقيم.
وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فجوّزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يُتخذ ذلك عادة، وممن قال به: ابن سيرين وربيعة وأشهب وبن المنذر والقفال الكبير، وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث [56].
ومنطوق حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير عُذر.
ومفهومه أن الخوف والمطر والسفر أعذار تُبيح الجمع.
ثانياً: لا يصح في سبب الجمع سوى ما قاله فيه راويه: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته.
والقاعدة أن الراوي أدرى بمرويِّه.
" وليس لأحد أن يتأوّل في الحديث ما ليس فيه " [57].
وقال النووي: ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته، فلم يُعلله بمرض ولا غيره [58]
وفي رواية البخاري [59]: فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ قال: عسى.
قال ابن حجر: واحتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث.
ثم قال الحافظ: لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ من غير خوف ولا مطر، فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر، وجوّز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض، وقوّاه النووي، وفيه نظر؛ لأنه لو كان جَمْعُه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بأصحابه، وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته. قال النووي: ومنهم من تأوّله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فَبَانَ أن وقت العصر دخل فصلاها. قال: وهو باطل؛ لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء [60].
ثالثاً: حَمَل بعض العلماء الحديث على الجمع الصوري، وهو مردود بقول راويه: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته.
قال ابن حجر: وإرادة نفى الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري؛ لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج [61].
رابعاً: جواز الجمع إذا وُجد العُذر المبيح له.
فالمرض عُذر، ومتى وُجِدت المشقة جاز للمريض الجمع.
قال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في جمع المريض بين الصلاتين في الحضر والسفر، فأباحت طائفة للمريض أن يجمع بين الصلاتين، وممن رخص في ذلك عطاء بن أبي رباح.
وقال مالك في المريض: إذا كان أرفق به أن يجمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك بعد الزوال، ويجمع بين المغرب والعشاء عند غيبوبة الشفق إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك، وإنما ذلك لصاحب البطن وما أشبهه من المرضى، أو صاحب العلة الشديدة يكون هذا أرفق به [62].
وقال الليث: يجمع المريض والمبطون، وقال أبو حنيفة: يجمع المريض بين الصلاتين كجمع المسافر، وقال أحمد وإسحاق: يجمع المريض بين الصلاتين [63].
¥