تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(30) أخرجه ابن أبي شَيبة (7516) و (32513) وأحمد (8587) و (9409) و (10826) وابن ماجة (227) وأبو يَعْلَى (6472) وابن حبان (87) كلهم من طريق حُميد بن صخر أبو صخر الخراط، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه وانظر صحيح الترغيب والترهيب (83).

(31) أحمد (5437) و (5818) وابن ماجة (3112) والتِّرْمِذِي (3917)، وقال الشيخ الألباني:" وسنده صحيح على شرط الشيخين" الصحيحة (2928).

مناقشة الأدلة وبيان مدلولها

فهذه النصوص الواضحات المشرقات التي تبين عظم الحرمين الشريفين، وسعي العباد إلى مجاورتهما، لحري بمن يعقل عند قراءتها أن يسعى في نيل هذه الفضيلة، وبقاء مدلول النصوص إلى يوم القيام أمر مجمع عليه بين الأمة، إذ أن النص لا يختص بمكان ولا زمان معين إلا ما يدل على تخصيصه، فالشريعة إنما جاءت لتعم حياة الناس، فما كان في عهده عليه الصلاة والسلام من الأحكام والشرائع هو نفسها ما كلفنا به في زماننا هذا، وعند النظر إلى النصوص التي أوردناها آنفا يمكننا تلخيص مضمونها في النقاط الآتية:

ـ بقاء حرمة الحرمين الشريفين إلى يوم القيامة، وأن من دخلهما فهو آمن يحرم التعدي عليه، وهذا كذلك من تعظيم حرمات الله تعالى وشعائره قال سبحانه (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ) (الحج: 30) وقال سبحانه (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: 32)، ولقد كانت قريش بل والعرب كلها تعرف هذا الحكم الإلهي في وجوب تعظيم البيت وتشريفه، وأن من دخله فهو آمن لا يُتعرض له بأي وجه من الوجوه، فما بالُنا في هذا الزمان نرى المسلم يُخرج منه مكبلا وموثقا، وقد كان أحدهم في الجاهلية إذا لقي قاتل أبيه لا يتعرض له لحرمة البيت؛ أفلا يخشى هذا أن يدخل تحت قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: 25)، وانظر إلى نعت الله تعالى الكافرين بفعلتهم الشنيعة وهي الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام، فنسأل الله العافية والغفران.

ـ أن الحرمة تشمل أيضا المسجد النبوي بلا استثناء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها كما حرم إبراهيم عليه السلام مكة، فمن ادعى غير هذا أو رد قوله عليه الصلاة والسلام أو أوَّله تأويلا يوافق هواه ومشربه دخل في الوعيد الذي ذكره عليه الصلاة والسلام في قوله:" الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلاَئِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً .. " (32)، أفلا يخاف الظالم من أن يكون من المحدِثين فيها؟

ـ أن الهجرة والإقامة بالحرمين أمر مرغوب في الشرع، إذ الدين والإيمان يأرزان إليهما، وشد الرحال لا يكون إلا إليهما، وطالِبُ العلم لا يزال ينهل من معارف علمائهما ومشايخهما، ولذلك كان الواجب أن لا يُمنع أحدٌ من هذا الفضل، بدليل عموم بقاء الأدلة على ما هي عليه، فيفر الرجل إلى الحرمين حتى يأمن الدجال والوباء، وتناله بركتهما إلى غير ذلك مما ذكر.

ـ التنصيص على طلبة العلم، وليقولن قائل: كيف أخرجت طلبة العلم من عموم الأدلة عن غيرهم، قلنا: هذا يُرد إلى فعل السلف رضوان الله تعالى عليهم، فإن الكثير منهم من غير تَعداد جاوروا الحرمين لطلب العلم، وهو أعلى ما يُطلب من المرغوبات، بل لعله من آكدها، إذ العلم الذي يعرفك بالله تعالى وبصفاته وبنبيه ودين الإسلام واجب تحصيله، وسنة السلف في الرحلة إلى طلب العلم معروفة مشهورة، فلا ينكرها إلا جاحد عنيد، وكيف لا يختص طالب العلم على غيره، وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق طلبة العلم، فإما أن يأتي الرجل للعلم أو للتعليم، وإلا كان كالذي ينظر إلى متاع غيره من غير استئذان، وشرف العلم على العبادة معلومة، لأن العلم ينير لصاحبه طريق المنهج العملي، فيعبد الله تعالى على بصيرة من غير إشراك ولا ابتداع، وهذا هو العلم النافع الذي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير