تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالواجب على كل مكلف يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُعطي كل شيء حقه، من غير غُلوٍّ ولا إيغال، وليَسع دائما أن تكون أقواله وأفعاله موافقة للهدي النبوي الشريف، ولا يعدل به شيئا من أمور الناس مهما كانت، وليحرص عند إطلاق المصطلحات أن يعبر بالحق الذي معه بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية فإن هذا هو سبيل أهل السنة والجماعة، فأما ما يعرض له من المصطلحات المحدثة فلابد من عرضها على الكتاب والسنة للتحقق من صحة دلالتها على المطلوب نزولا عند قوله جل وعلا (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء: 59).

بعض الفروق بين المجاورة والتخلف

ولمزيد إيضاحٍ وبيانٍ، لنذكر الفروق بين المجاورة والتخلف، حتى يعرف المنصف أن بينهما بُعْدَ المشرقين وبعد المغربين.

- المجاورة مصطلح شرعي، بخلاف التخلف.

- المجاورة هدي السلف رضوان الله تعالى عليهم بخلاف التخلف.

- المجاورة جاءت الأحاديث بالترغيب فيها بخلاف التخلف.

- المجاورة مقصدٌ دينيٌ بخلاف التخلف.

- المجاورة تكون في الحرمين بخلاف التخلف.

- المجاورة يمدح صاحبها بخلاف التخلف.

نصيحة لمن يسعى في أذية المجاورين

لقد أسلفنا في ما تقدم معنا من الفصول أن المجاورين ضيوف الله تعالى وضيوف بيته الحرام، يسعى الواحد منهم في تحصيل نهمته الدينية بازدياد العلم والعمل، ولا شك أن هذا المقصد جليلٌ لجلالة متعلَّّقه، ولكن أهل الشر والمكر في كل مكانٍ يسعون جاهدين إلى إبادة هذا الهدي السلفي الذي سار عليه سلف الأمة رضوان الله تعالى عليهم، فنصيحتي لكل من يسعى في أذية هؤلاء سواء حسا أم معنا، أن يتقي الله تعالى في نفسه وأن يستشعر عظمة الله وقوته وبطشه، وأنه في بلد الله الحرام وأنه يعادي أولياء الله تعالى وقد قال سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: 25) ألا يخشى على نفسه أن يكون مثل هؤلاء وقد قال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ) الحديث (48)

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة الحرمين، فلا مجال للاجتهاد في شيء مما ثبت بالنص الجلي، فإن الحرم وما فيه في أمن وأمان، وإن من لطائف ما ذكر ما ثبت من حديث عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" هَذِهِ مَكَّةُ حَرَّمَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي وَلاَ لأَحَدٍ بَعْدِى وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَهِىَ سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ فَقَامَ الْعَبَّاسُ وَكَانَ رَجُلاً مُجَرِّبًا فَقَالَ إِلاَّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ إِلاَّ الإِذْخِرَ." (49)

ففي هذا الحديث العظيم عدة فوائد متعلقة بعدم أذية المجاورين وهي:

- أن مكة حرمها الله تعالى وكذلك حرَّم رسولُه صلى الله عليه وسلم المدينة.

- أنها لم تحل لأحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده، فهذا دليل عل بقاء حرمتها ما بقي الليل والنهار.

- أن خلاها وشجرها وصيدها ولقطتها حرامٌ لا يجوز التعدي عليها ولا أخذها، فمن باب أولى أن يتعدى على من فيها من الناس وبالأخص المجاورين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير