تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقال: أن أول امبراطور تعمَّد باسم الثالوث المقدَّس حسب عقيدة النصارى، هو الامبراطور ثيودوسيوس الكبير الذي رعى عقد مجمع القسطنطينية، وأنه وقادة الكنيسة تنفسوا الصعداء وشعروا كما شعر الامبراطور قسطنطين وقادة الكنيسة بعد قبول قانون الإيمان النيقوي في سنة 325 م، بسرور وارتياح عظيمين؛ لأنهم ظنوا بأن مجمع نيقية استطاع أن يستأصل الهرطقة من جذورها، وأن يعيدوا الوحدة إلى الامبراطورية وإلى الكنيسة المهددتين بالانقسام والاضطراب.

وعندما تقرر رسمياً إقرار الاعتقاد بألوهية الروح القدس في مجمع القسطنطينية سنة 381م، أصدر الامبراطور ثودوسيوس الكبير مرسوماً أعلن فيه ما يلي:

((حسب تعليم الرسل وحق الإنجيل، يجب علينا أن نؤمن بلاهوت الأب والابن والروح القدس، المتساوي في السلطان، وكل من يخالف ذلك يجب عليه أن ينتظر منا العقوبات الصارمة التي تقتضي سلطتنا بإرشاد الحكمة السماوية أن نوقعها به، علاوة على دينونة الله العادل)).

من هو اريوس:

و كرد فعل للأفكار المسيحية المحرفة،وفي حوالي عام323 للميلاد ـ عيَّنت كنيسة بوكاليس في الإسكندرية في منصب أسقف في الإسكندرية أسقف أصله من ليبيا واسمه آريوس Arius, Arrious. ، وكان هذا الرجل قد درس في أنطاكية حيث تأثر بمذهب النصارى الموحدين، ثم جاء إلى الإسكندرية لمتابعة الدراسة فصار يدعو إلى التوحيد و يحارب بدعة التثليث، وكان فصيحا قوي الشخصية، وقد شنها ثورة عارمة على القول بألوهية المسيح، مؤكدا بشريته، مقررا أن الله وحده عز و جل هو الإله الخ• فتبعه كثير من رجال الدين وجمهور الشعب ومن هنا وُصِف هو وأتباعه بـ''الموحدين''•

وكان يقول: ''إذا كان الله الآب مطلق الكمال، ومطلق السمو، ومطلق الثبات، وإذا كان منشئ كل الأشياء دون أن يكون ذاته صادراً عن أي شيء آخر فإنه من الواضح أنّ كل شيء وكل شخص آخر في العالم منفصل عن الله، وإذا كان كل شيء منفصلاً عن الله، فلابد إذن أن يكون يسوع أيضاً منفصلاً عن الله''•

أحدثت آراء أريوس الجريئة هذه أزمة خطيرة على الصعيدين الديني والسياسي في الإمبراطورية البيزنطية، فانقسم رجال الدين والجمهور المسيحي حولها إلى مؤيدين ومعارضين•

كان جل مؤيدي أريوس من عامة الشعب والفقراء خاصة، بينما كان معارضوه من أعمدة النظام الكهنوتي وأشياعه• فكانت أزمة استمرت أزيد من سنتين (318 - 320م) • ومن أجل وضع حد لهذه الأزمة تدخل الإمبراطور ''قسطنطين '' إلى جانب أريوس أولا، ثم ما لبث أن عاد فوقف إلى جانب الكنيسة ورجالها• وللفصل في الأمر دعا رجال الدين إلى عقد مجمع مسكوني في نيقيه عام 325م، لإيجاد حل كهنوتي لهذه المسألة• وقد قرر هذا المجمع طرد آريوس وأصحابه على أساس أنهم فرقة ضالة مبتدعة، ووضع المجمع ''قانون الإيمان'' المسيحي الذي ينص على ألوهية المسيح، ويرسِّم عقيدة التثليت•

قامت معارضة شديدة واسعة في وجه ''قانون الإيمان'' ذاك• حيث رفضه أريوس وعارضه كثير من أتباعه، الذين نشطوا في الدعاية لمذهبهم التوحيدي ''التنزيهي''، فاستطاعوا التأثير على كثير من أعضاء الكنيسة في فترات متقطعة لسنوات عديدة بعد مجمع نيقيه•

ومع أن المجمع المسكوني المنعقد عام 381م في القسطنطينية قد رسَّم ''قانون الإيمان'' المكرس للتثليث، إلا أن أتباع أريوس قد استطاعوا الاستمرار في نشر مذهبهم التوحيدي في أنحاء كثيرة من الإمبراطورية البيزنطية، وفي شمال الجزيرة العربية بصفة خاصة: في سوريا وفلسطين والأردن والعراق•• الخ• أما المذهب الرسمي فلم يلبث أن شهد هو الآخر انقسامات داخله، فظهرت جماعات أخرى ما لبثت أن دخلت في صراعات مع بعضها بعضا، منها جماعات قالت بآراء جديدة تحاول الجمع بين الطبيعتين، اللاهوتية والناسوتية، في شخص السيد المسيح فاعتبرت هي الأخرى مبتدعة•

الرومان يكملون مسيرة التحريف:

ليبدأ النصارى بعد ذلك عهداً جديداً من تأليه المسيح عليه الصلاة والسلام وظهور اسم المسيحية، و خلال هذه المرحلة ظهرت الرهبانية في النصرانية في مصر أولاً على يد القديس بولس الطبي 241 - 356م والقديس أنطوان المعاصر له، إلا أن الديرية - حركة بناء الأديرة - نشأت أيضاً في صعيد مصر عام 315 - 320م أنشأها القديس باخوم، ومنها انتشرت في الشام وآسيا الصغرى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير