تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرّاغب الأصفهاني وموقفه من الفرق الإسلامية

ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[07 - 08 - 07, 12:00 ص]ـ

مقدمة:

إن من يبحث في حياة أبي القاسم، الحسين بن مفضل المعروف بالراغب الأصفهاني [1]، وفي جهوده المختلفة في اللغة والأدب وفي موقفه من الفرق وعلماء الكلام يجد عنتا شديدا. فبينا هو يرى أن معجمه في مفردات ألفاظ القرآن لم يستغن عنه مفسر أم معجمي جاء بعده، ويلحظ أن كتابه في ((محاضرات الأدباء)) لا يجهله أديب، وبينا هو يطالع قول بعضهم من أن أبا حامد الغزالي (505 هجري) كان يعجب بكتابه ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) ويستحسنه لنفاسته؛ [2] إذا هو لا يكاد يجد له ترجمة في كتب الطبقات والتراجم [3]!!

وربما نتج عن هذا أن الرجل لم ينل حظه من الدراسة والكشف في الأبحاث المعاصرة، فلم تقرر له دراسة مستقلة بل لم تعن به الدراسات التي تناولت آداب العصر العباسي وأدباءه [4].

أما المشكلة الثانية التي تجابه المتصدي للكشف عن آثاره هذا الرجل وأثره فهي تحديد عصره وذكر تاريخ وفاته وشيء عن نشأته. فكل مل قيل عنه لا يعدو ذكر ميلاده في أصفهان واختلافه إلى بغداد، وأنه إمام في اللغة الأدب والتفسير وأنه مات عام 502هجري.

وقد رجح لي أنه قد توفى قبل هذا التاريخ بقرن كامل من الزمان!!! وهو فرق ليس باليسير في معرفة رجال التراث.

وقد وقفت على جهود ومخطوطات للراغب في اللغة والأدب والتفسير والتربية والسلوك والموقف من الفرق الإسلامية وعلماء الكلام تستحق أن أفرد لكل منها بحثا مستقلا. و ها أنا أحاول هنا أن أرصد جهوده في الفرق والله الموفق.

موقفه من الفرق الإسلامية

إن انتماء الراغب الأصفهاني إلى إحدى الفرق الإسلامية لم يكن واضحا، لذا نحاول أن نوضح هذا الانتماء عن طريق محاولة بسط موقفه من كل هذه الفرق. ولعل مما يسهل الوصول إلى هذا الهدف وصف آثار الراغب ذات العلاقة بالعقيدة والفرق الفكرية والسياسية.

آثاره:

لقد اطلعت على ثلاث مخطوطات له في هذا الصدد، هي رسالة في الواحد الأحد [5] ورسالة في تحقيق البيان [6] ورسالة في الاعتقاد [7]. وقد يجد الباحث أنه كان ينفذ بين الحين والحين أحينا لموضوع العقيدة والفرق في كتابيه المنشورين والمشهورين في موضوع الأخلاق والسلوك وأعني الذريعة إلى مكارم الشريعة، وتفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين.

ففي الرسالة الأولى، وتقع في ست ورقات، وأراد الراغب أن يميز بين معنى كل من لفظي واحد وأحد، لما كان يدور على ألسنة الناس من جدل وكلام في موضوع التوحيد. وكان يحجم في بعض الأحيان عن إتمام ما يخطر بباله لئلا يظل غامضا فيصبح سبب فتنة بين العوام، ولعل الراغب في هذه الرسالة يثبت قدما راسخة في اللغة وفي الدين.

وأما رسالة ((تحقيق البيان في تأويل القرآن)) فقد ذكرها الراغب في مقدمة أحد كتبه، وذكر بروكلمان [8] أنها موجودة في إحدى مكتبات مشهد بإيران. فطلبتها من هناك فأرسلها لي صديق. وهي تقع في 169 ورقة وقد فقد منها سبع عشرة ورقة من بدايتها، فلم نجد المقدمة ولم نجد الفصول الثلاثة الأولى وجزءا من الرابع الذي يبدو أنه قصره على الحديث عن الملائكة وفيه معها أحاديث عن الجن والشياطين والعفاريت والمردة وعن السحر، وقد قصر الفصل الخامس على كتاب الله الكريم وعلى علومه وعلى ما نشأ حوله من كلام الفرق وبسط في قول المعتزلة في مخلوقيته وبين أنه لا يراها مناسبة. أما الفصل السادس فقد أداره حول موضوع القدر والقضاء وحكمة الله منهما وما نشأ فيهما لدى الفرق من أقاويل. وفي الفصل الأخير تناول موضوعات في الإيمان والإسلام والوعد والوعيد. وإنه ليبدو أن الرسالة تهدف إلى التعرض لموضوعات الإيمان في العقيدة الإسلامية وإثباتها من وجوه العقل والنقل واللغة. وكثيرا ما كان يرد فيها على الفرق ويأتي بآراء أهل السنة والجماعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير