تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التأويل وشروطه (تعليق على مقال د. محمد عمارة)]

ـ[شتا العربي]ــــــــ[21 - 08 - 07, 01:05 م]ـ

كتب الدكتور محمد عمارة مقالا حول هذا الأمر وسأنقله في المشاركة الآتية

والرجاء من المشايخ الكرام إثراء الموضوع بالتعليق عليه وبيان الرأي الصحيح في المسألة لأهميتها

وجزاكم الله خير الجزاء مقدما

ـ[شتا العربي]ــــــــ[21 - 08 - 07, 01:08 م]ـ

التأويل وشروطه

د. محمد عمارة: بتاريخ 20 - 8 - 2007

ما هو الموقف إذا بدا أن هناك تعارضا بين "ظاهر النص الديني"وبين "البرهان العقلي"؟

لحل هذا الإشكال كان مبحث "التأويل" في الفكر الإسلامي ... والتأويل .. بتعريف ابن رشد {520 - 545هـ 1126 - 1198} هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أن يخل ذلك بعادة لسان العرب في التجوز ... أي أن للتأويل قواعد لغوية ... كما أن له قواعد عقدية تجعله متسقا مع النصوص المحكمة والقواعد الكلية للدين ....

وإذا كان المفسرون للقرآن الكريم قد اختلفوا في موضع الوقف عند تلاوة الآية القرآنية: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب} آل عمران: 7 ... فقال فريق: إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله .. وقال آخرون: إن الراسخين في العلم يدركون تأويل هذه المتشابهات .. فإن للمنطق الإسلامي في هذا الاختلاف موقفا جامعا يقول إن المتشابهات التي تتعلق بالمغيبات وما لا يستقل العقل بإدراكه والوصول إلى مآلات كنهه من الإلهيات، لا يعلم حقائق تأويلها ومآلا تكهنها إلا الله ... أما المتشابهات التي تتعلق بعالم الشهادة فإن الراسخين في العلم يدركون تأويلها وحقائق مآلاتها ... ومن ثم فيجوز الوقف في تلاوة هذه الآية عند لفظ الجلالة وعند الراسخون في العلم.

وإذا كان حجة الإسلام أبو حامد الغزالي {450 - 505هـ 1058 - 1111م} قد فصل في التأويل ووضع له نظرية تشبه أن تكون جامعة مانعة وخاصة في كتابه {فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة} فلقد وضع الفيلسوف ابن رشد لنظرية التأويل هذه القواعد والمعالم التي يمكن إنجازها على هذا النحو:

1 ـ التأويل جائز 2ـ في المواطن التي يقوم فيها البرهان العقلي على استحالة دلالة ظاهر النص 3 ـ وبشرط تحقق اللغة العربية في المجاز 4 ـ وفيما لم يثبت فيه إجماع يقيني على أن المراد هو ظاهر الألفاظ 5 ـ وبترشيح دلالات ظواهر بعض النصوص على مواطن التأويل في بعضها 6 ـ ومن أجل الجمع بين المعقول والمنقول لا المقابلة بينهما والانحياز لأحدهما تجاوزا للأخر أو نفيا له 7 ـ على أن يظل التأويل حقا للخاصة الراسخين في العلم لا يصرح به للعامة ولا يثبت في كتب الجمهور حتى ولو كان تأويلا صحيحا 8 ـ أما أخبار الغيب وكذلك المعجزات ومبادئ الشريعة وكل ما لا يستطيع العقل الإنساني الاستقلال بإدراك كنهه فالواجب أخذ نصوصه على ظواهرها دون تأويل 9 ـ مع ضرورة الاقتصاد في التأويل لأن كثرته تقفل التقوى في حقل المشتغلين بالفكر الإسلامي.

لقد وضع ابن رشد هذه الشروط لجواز التأويل ... ونبه على أنه لا يجوز تأويل كل النصوص فالمحكمات لا يجوز تأويلها ... ومبادئ الشريعة وأنباء الغيب والمعجزات لا يجوز التأويل فيها حتى لقد حكم بالزندقة على كل من يؤول النصوص الواردة فيها كما حكم بالكفر على كل من يصرح بالتأويلات وينشرها بين الجمهور! ..

أما الغزالي فإنه يحذر من التأويل في أصول العقائد ومهماتها وهي ثلاثة الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر وما عدا هذه الأصول فروع ولا يجوز تكفير المتأولين في الفروع ... أو المنكرين لأحاديث الآحاد ولما ثبت بالإجماع "لأن معرفة كون الإجماع حجة قاطعة فيه غموض يعرفه المحصلون لعلم أصول الفقه" ..

وعن هذه الموازنة الدقيقة بين ظاهر النص وبين برهان العقل يقول جمال الدين الأفغاني:يجب "أن لا يهمل النظر وأن يكون التأويل على حظر وهذه رتبة الراسخين في العلم الذين وقفوا على الحقائق بصفاء عقولهم ثم يقبلون ما جائهم من ربهم مع عدم الاستطلاع لما هو دفين تحت حجب أستاره"!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير