صورته:
لماكان العالم محدثا ثبت أن له محدِثا أحدثه، وصانعا صنعه، فبني هذا الهيكل لمضيثلاثة آلاف وسبعمائة سنة لأهل الأسطوان، فإن رأى الداخل إليه أن يذكر بانيه بخيرفعل والسلام.
فقيل لأبي العلاء: من أهل الأسطوان؟ فقال: لا أعرف، وأنشد:
سيسأل قوم ما الحجيج وما منى ** كما قال قوم من جديس وماطسم؟ يعني أن بعد العهدبالأوائل ينسي آثارهم، ويطمس المنار دون أخبارهم.
.....
إلى أن قال رحمه الله تعالى (العلامة بدران):
وأيا ما كان فإن المؤرخ لايطمع في أن يعرف الزمن الذي أنشئت فيه دمشق وأسس جامعها، وكل ما يقال فيه فإنهتخرصات وأوهام لا يقف صاحبها على حقيقة، وغاية أمرنا هنا أن نذكر تاريخ جعله جامعا، على أن ذلك التاريخ أيضا يحار فيه الناظر، فلا يقدر أن يفرق بين الصحيح وغيرهلما تغشاه من المبالغات، كما هو شأن كتب التاريخ عندنا، حتى أنهم أوصدوا أمر هذاالجامع إلى ما وراء العقول، وذلك لأنهم ينقلون كل خبر يسمعونه، ثم لا يحكمونعقولهم في التفرقة بين جيده ورديئه!، ولو أخذت أذكر جميع ما قاله المؤرخون عنهلكان موضوعنا هزءا عند أهل زماننا، لأن التاريخ عندهم لبس ثوبا غير ثوبه الأول،فأسس على التحقيق والتدقيق لا على التسليم بقول القائل أيا ما كان، فلذلك أضربتكثير مما ذكره ابن عساكر وغيره من أضرابه، واكتفيت بما تراه، وسأمهد لعذري شذرةمما قيل ليعلم المطالع ما كان عليه بعض القوم، فقد قال ياقوت في " معجم البلدان ": "" لو عاش الإنسان ألف سنة، وجعل يتردد كل يوم من أيامها إلى الجامع لكان يرى فياليوم ما لا يراه بأمسه!! "" فتأمل هذه المبالغة التي دونها قول المتنبي:
وأخفت أهل الشرك حتى أنه ** لتخافك النطف التي لم تخلق!!
ومثل هذا كثير فاعلم ذلك، وإليك ما نرويه منسوبا لقائله: قال الحافظ الذهبي في " مختصر تاريخ الإسلام ": [إن الوليد بن عبد الملك هو الذيبنى جامع دمشق أيام سلطنته وزخرفه، وكان نصفه الغربي كنيسة للنصارى، والنصف الآخرمسجدا للمسلمين، فأرضى الوليد النصارى بعدة كنائس صالحهم عليها، ثم هدمه إلاحيطانه الأربعة، وأنشأ قبة النسر والقناطر، وحلاه بالذهب والجواهر وستور الحرير،وبقي فيه العمل تسع سنين، وأنفق عليه الأموال العظيمة حتى جعله نزهة للناظرين]. انتهى.
وكان الابتداء به سنةسبع وثمانين.
...... إلى أن قال (العلامة بدران):
[وروى ابنعساكر بسنده إلى زيد بن واقد، قال: وكلني الوليد على العمال في بناء جامع دمشقفبينما نحن في العمل إذ وجدنا مغارة، فعرّفنا الوليد ذلك، فلما كان الليل وافىوبين يديه الشموع، فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع، وإذا فيهاصندوق ففتح، فإذا فيه سفط، وفي السفط رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام، قال: فرد إلى مكانه بأمر الوليد، وقال: اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا عن بقية الأعمدة، فجعل عليه عمود مسفط الرأس".
قال زيد: قد رأيت الرأس الشريف حين أرادوا بناء الجامع، وقد أخرج من تحت ركن من أركان القبة، وشعره وبشرته لم يتغيرا، ويقال: إن الرأسالشريف نقل من دمشق إلى بعلبك، ومنها إلى حمص فحلب، فجعل في قلعتها في جرن منالرخام، ثم نقل منها إلى الجامع لما استولى التتار عليه، كذا قيل والله أعلمبحقيقة الأمر.]. {قلت (علي) وهذه القصة ضعفها العلامة الألباني وقال:" إسنادهضعيف جدا" كما سيأتي في كلام المحدث الألباني الذي سأنقله}.
وقد أطال ابن عساكر، وأورد أقوالا متناقضة تارة تثبتشيئا وتارة تنفيه كما هي عادته في نقل كل ما يسمعه ويتصل به من غير تمحيص]]. انتهىالمقصود من كلام العلامة البدران.
قال الشيخ العلامة الألباني في كتابه العجيب " تحذيرالساجد " في الحاشية:
¥