مخفوض على الإضافة، وهو علم على الباري-جلّ وعلا-،وهو أعرف المعارف على الإطلاق، الجامع لمعاني الأسماء الحسنى، والصفات العليا، ولذا يضاف إليه جميع الأسماء، فيقال مثلاً: الرحمن من أسماء الله، ولايضاف هو إلىشيء، وهو مشتق من (أَلَهَ) (يأله) إذا عُبِد، ومنه قول رؤبة:
لِلَّهِ دَرُّ الغانِياتِ والتَّأَلُّه هو: التعبُّد. فهو بمعنى مألوه أي: معبود، فهو دال على صفة له وهي: الإلهية.
لِلَّهِ دَرُّ الغانِياتِ المُدَّهِ سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي
والتَّأَلُّه هو: التعبُّد. فهو بمعنى مألوه أي: معبود، فهو دال على صفة له وهي: الإلهية.
وأصله: الإله: حذفت الهمزة وأدغمت اللام باللام، فقيل: الله.
ومعناه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
وقال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره،ولذلك لم يثن ولم يجمع،وهو أحد تأويلي قوله تعالى: ?هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ? [مريم: من الآية65] أي: من تسمى باسمه الذي هو الله. انظر بدائع الفوائد"لابن القيم (1/ 22) و (2/ 249)،"تيسير العزيز الحميد" (ص28 - 29)،"فتح المجيد" (1/ 71 - 73).
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: لهذا الاسم الشريف عشر خصائص لفظية، وساقها. ثم قال: وأما خصائصه المعنوية فقد قال أعلم الخلق صلي الله عليه وسلم:
3 " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " رواه مسلم: الصلاة (486) , والترمذي: الدعوات (3493) , والنسائي: التطبيق (1100 ,1130) , وأبو داود: الصلاة (879) , وابن ماجه: الدعاء (3841) , وأحمد (6/ 58) , ومالك: النداء للصلاة (497). وكيف نحصي خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق، وكل مدح وحمد، وكل ثناء وكل مجد، وكل جلال وكل كمال، وكل عز وكل جمال، وكل خير وإحسان وجود وفضل وبر فله ومنه؟ فما ذكر هذا الاسم في قليل إلا كثره، ولا عند خوف إلا أزاله ولا عند كرب إلا كشفه، ولا عند هم وغم إلا فرجه، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العز، ولا فقير إلا أصاره غنيا، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه. فهو الاسم الذي تكشف به الكربات، وتستنزل به البركات، وتجاب به الدعوات، وتقال به العثرات، وتستدفع به السيئاتوتستجلب به الحسنات. وهو الاسم الذي قامت به الأرض والسماوات، وبه أنزلت الكتب، وبه أرسلت الرسل، وبه شرعت الشرائع، وبه قامت الحدود، وبه شرع الجهاد، وبه انقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء، وبه خقت الحاقة، ووقعت الواقعة، وبه وضعت الموازين القسط ونصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار، وبه عبد رب العالمين وحمد، وبحقه بعثت الرسل، وعنه السؤال في القبر ويوم البعث والنشور، وبه الخصام وإليه المحاكمة، وفيه الموالاة والمعاداة، وبه سعد من عرفه وقام بحقه،
وبه شقي من جهله وترك حقه; فهو سر الخلق والأمر. وبه قاما وثبتا، وإليه انتهيا، فالخلق به وإليه ولأجله. فما وجد خلق ولا أمر ولا ثواب ولا عقاب إلا مبتدئا منه ومنتهيا إليه. وذلك موجبه ومقتضاه {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} 1 إلى آخر كلامه -رحمه الله تعالى-. بدائع الفوائد"لابن القيم (1/ 22)
(الرحمن) نعت لله تعالى ولا يثنى ولا يجمع لأنه لا يكون إلا لله -جل وعزّ- وأدغمت اللام في الراء لقربها منها وكثرة لام التعريف.
و (الرحيم) نعت أيضا.
وقال ابن هشام-رحمه الله-: ((الرحمن: بدل لا نعت، وأن الرحيم بعده: نعت له، لا نعت لاسم الله سبحانه وتعالى، إذ لا يتقدم البدل على النعت)) مغني اللبيب" (2/ 89).
وتعقب ابن القيم -رحمه الله- القائلين بهذا فقال:
((قلت: أسماء الرب تعالى هي أسماء ونعوت فإنها دالة على صفات كماله فلا تنافي فيها بين العلمية والوصفية،فالرحمن اسمه تعالى ووصفه لا تنافي اسميته وصفيته فمن حيث هو صفة جرى تابعا على اسم الله ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع بل ورود الإسم العلم.
¥