تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تفسير اللقاء بأنه رؤية ليس فيها مواجهة ولا مقاربة تفسير للفظ بما لا يعرف في شيء من لغات العرب أصلا، ومن المعلوم أن التأويل لا يمكن إلا إذا كان اللفظ دالا على المعنى في اللغة. وهذا اللفظ لا يدل على هذا المعنى في اللغة أصلا ... ومن الأصول التي يقررها هو [الرازي] أن اللفظ الذي يتناوله الخاص والعام لا يجوز أن يكون موضوعا لمعنى لا يفهمه إلا آحاد الناس، وإذا لم يكن / هذا اللفظ دالا على هذا المعنى في لغتهم التي بها يتخاطبون لا حققة ولا مجازا امتنع حمل اللفظ عليه.

ص 69

هذا بعينه يرد في تفسيرك [الرازي] حيث قلت: منور السموات والأرض بمعنى المصلح وهادي السموات والأرض.

فإن ذلك يستلزم على قياس قولك أن لا يكون فيهما شيء من الضلالة أو الظلم والفساد، فما قلته في هذا يقال في ذلك.

ص 70

يقال: هو نور وله نور، فإن اسم النور يقال للشيء القائم بنفسه كما سمي القمر نورا، ويقال للصفة القائمة بغيرها كما يقال نور الشمس والقمر.

وقد دل الكتاب والسنة على أنه نور وله نور وحجابه / النور، فالمضاف ليس هو المضاف إليه، وأيضا فإن هذا يلزمهم مثله فإنه إذا فسر نور السموات والأرض بأنه هادي أو مصلح أو منور لزم أن يقال: مثل هاديه أو مصلحه أو منوره ومعلوم أن هذا باطل بل يقال: مثل هدايته أو إصلاحه أو تنويره فيكون مسمى النور المضاف ليس هو مسمى النور المضاف إليه على كل تقدير، فعلم أن هذا لا يصلح أن يكون دليلا على صرف الآية عن ظاهرها ولا على صحة التأويل.

ص 90

لكن رواية حماد بن سلمة أتم إسنادا ومتنا، وذلك معروف في أحاديثه عن ثابت البناني؛ لأنه كان بينهما من الصلة ما لم يكن بينه وبين غيره، وكان ثابت يقول: ولا أن يصنعوا بي كما صنعوا بأبي سعيد – يعني الحسن البصري لحدثتهم أحاديث موثقة، فلهذا كان يختصر لبعض الناس ويختصر [كذا والصواب ويختص] عنه حماد بن سلمة أشياء لاختصاصه به.

ص 121

وهذا باطل بالضرورة فإن كون الله تعالى لا يخلق في العين رؤية أمر عدمي لا يحتاج إلى إحداث فعل، بل هو مثل أن الله تعالى لا يخلق للجسم طعما أو لونا أو ريحا أو حركة أو حياة أو غير ذلك من الأمور العدمية فقول القائل: فهم محجوبون عنه بحجاب يخلقه فيهم وهو عدم الإدراك في أبصارهم كلام باطل لأن العدم لا يخلق.

ص 123

أن تسمية مجرد عدم الرؤية مع صحة الحاسة وزوال المانع حجابا أمر لا يعرف في اللغة لا حقيقة ولا مجازا ولهذا لا يقال: إن الإنسان محجوب عن رؤية ما يعجز عنه مع صحة حاسته، وزوال المانع كالأشياء البعيدة ولكن يقال في الأعمى: هو محجوب البصر لأن في عينه ما يحجب النور أن يظهر في العين.

...

ثم أثبتوا رؤيةً يعلم بضرورة العقل بطلانها وجحدوا حقيقة ما جاء به السمع فصاروا منافقين مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، بل صاروا جاحدين لصريح المعقول باتفاق الطوائف جاحدين لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم والإيمان

ص 125

والعدم ليس بشيء أصلا حتى يكون مانعا، ولو كان عدم الشيء مانعا من وجوده لما وجد شيء من المحدثات؛ لأن عدمها سابق على وجودها.

ص 130

والعدم المحض ليس له خلف ولا أمام، فعلم أنه حجاب موجود يكون له وراء.

الوجه الثامن عشر: أنه لو صرح بالمعنى الذي ذكروه، فقال: أو من وراء عدم خلق الرؤية لكان هذا من الكلام الذي يعلم جنون صاحبه، أو هو كلام لا حقيقة له، ولا يحمل كلام الله عز وجل على ذلك إلا زنديق منافق متلاعب بالقرآن والإسلام أو جاهل فيحكم عليه بالجهل بما يخرج منه من الكلام.

ص 132

لو كان الحجاب منع الإحسان لكان من كلمه الله من وراء حجاب كما كلم موسى وهو التكليم الذي فضله الله به على سائر العباد منعا من الإحسان فيكون الذي ناداه الله وقربه نجيا أو اصطفاه على الناس برسالاته وكلامه ممنوعا من الإحسان إليه، وهذا من أفسد ما يكون في بداهة / العقول، وهو من أبلغ التحريف وقلب الحقائق والإلحاد في آيات الخالق

ص 136

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير