تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك عامة أهل العربية الذين قالوا: وما يعلم تأويله إلا الله: كالفراء وأبي عبيد وثعلب وابن / الأنباري هم يتكلمون في متشابه القرآن كله، وفي تفسير معناه، ليس في القرآن آية: قالوا: لا يعلم أحد تفسيرها ومعناها. فيجب أن يكون التأويل الذي اختص الله به عندهم غير ما تكلموا فيه من تفسير الآيات المتشابهة.

وقوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} قد يقال فيه: إن المنفي هو عموم السلف لا سلب العموم، أي ما يعلم جميع التأويل إلا الله، وأما بعضه فيعلمه الراسخون كما قال ابن عباس: وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب.

322

وأما احتجاجهم بالحروف المقطعة فعنه أجوبة:

أحدها: أن هذه ليست كلاما منظوما، فلا يدخل في مسمى الآيات وعامة الناس أهل مكة والمدينة والبصرة لا يعدون ذلك آية ولكن الكوفيون يعدونها آية، وبكل حال فهي أسماء حروف ينطق بها غير معربة، مثل ما ينطق بألف با تا وبأسماء العدد، واحد، اثنان، ثلاثة

328

وأبو إسماعيل هو وشيخه يحيى بن عمار وغيرهم يحملون ذلك على أحاديث الصفات الدالة على إثبات الصفات / لله تعالى، وأبو حامد يحمل ذلك على ما يذكره في الكتب المضنون بها ونحو ذلك من أقوال الباطنية الملاحدة، لكنه رجع عن ذلك في آخر عمره.

......

ولا ريب أن من العلم ما لا تقبله عقول كثيسرة، كما قال ابن مسعود: ما من رجل يحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم

331

الأعمال المأمور بها ينتفع بها العامل ويحصل بها المقصود وإن لم يعرف حِكَمها. وأما الأقوال التي يخاطب بها الناس فإن لم يمكن معرفة معناها لم ينتفع بها الناس.

.....

وأما مخاطبة الناس بكلام لا سبيل لهم إلى فهمه فهذا لا يفعله أحد من العقلاء.

332

ولهذا كل من كان للقرآن أفهم / ولمعانيه أعرف، كان أشد تعظيما له، من الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني. بل كتاب سيبويه في النحو إذا فهمه الإنسان كان لسيبويه في قلبه من الحرمة ما لم يكن قبل ذلك

336

ولهذا يفكر الإنسان فيما أشكل عليه فتكون فكرته فيه سببا لجمع همته، وإقباله على الله تعالى وعلى عبادته واشتغاله بذلك عما تهواه الأنفس ومن الأهواء الرديئة.

ثم إذا فهم بعض الحق وجد فيه حلاوة وذلك يدعوه إلى طلب الباقي ... فإن كون الكلام حقا أو باطلا هو / متعلق بمعانيه لا بألفاظه الدالة على معانيه.

فأما اللفظ الذي لا يعرف له معنى فلا يقال فيه حق ولا باطل.

340

ولفظ الحرف في اللغة يراد به الاسم

341

فيأمر [الشرع] بالشيء الحسن وما يماثله وينهى عن الشيء السيئ وعما يماثله لا يتناقض، فيحكم بين المثلين بحكمين مختلفين

...

والتشابه في الألفاظ تناسبها وائتلافها واعتدالها

356

فعلم أن الآيات التي قيل فيها {وأخر متشابهات} هي يضا محكمات مبينات وهي بيان وهدى وبصائر لكن اختصت بتشابه لم يكن في المحكمات، وكذلك اختصت المحكمات بأحكام أخر غير الأحكام المشتركة

....

فكل كلام في الوجود قد يشتبه على بعض الناس لنقص علمهم ومعرفتهم لا لنقص في نفس الكلام الذي هو في نفسه متشابه.

ومما يوضح هذا أن كل من لم يكن له خبرة بكلام شخص أو طائفة بما يريدونه من تلك الألفاظ إذا سمعها تشتبه عليه ولا يميز بين المراد منها وغيره بل قد يظن المراد غير / المراد، مثل من يسمع كلام أهل المقالات والصناعات قبل أن يخبر مرادهم.

359

وأعرف بعض طلبة العلم قرأ قوله تعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} وظن أنهما المكان الذي يسمى بالقريتين من أرض الشام.

وبعض الناس فسر (ذات العماد) بدمشق لما فيها من العمد، ومعلوم أن هذا باطل فإن عادا لم يكونوا بالشام بل باليمن وهودا إنما أرسل إليهم فقد قال تعالى: {بعاد إرم ذات العماد} قد نقلوا هذا في كتب التفسير عن عكرمة وابن المسيب وعن / القرطبي أنها الإسكندرية فإنها كثيرة العمد أيضا فهذا قد اشتبه على طائفة من العلماء مع أنه من الآيات المحكمات فإنه تعالى قال: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} وقد ذكر الله تعالى عادا في موضع آخر وأنه أرسل إليهم هودا، وأنه أنذر قومه بالأحقاف أحقاف الرمل، وهذا كله مما علم بالتواتر أنه كان باليمن، وقد صار مثل هذا يجعل أحد الأقوال في تفسير الآية، مع أن الذين قالوه من علماء السلف، قد يكونون أرادوا التمثيل، وأن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير