تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد أحسن حيث لم يذكر هذا المعنى في قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله} فإن أحدا من السلف لم يذكر هذا المعنى في هذه الآية وإنما ذكر هذا بعض المتأخرين.

276

فقد جعل هؤلاء [البغوي وغيره] الفرق بين التفسير والتأويل أن التفسير يُعلم بالنقل والسماع والتأويل ما يفهم من الآية بالاستنباط منها بحيث يكون ذلك المعنى موافقا لما قبلها وما بعدها غير مخالف للكتاب والسنة

277

فالتأويل بمعنى صرف الآية إلى خلاف ظاهرها لم يذكر أحد من هؤلاء المفسرين أنه مراد من قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} وهو كما قالوا لم ينقل عن أحد من السلف وإنما فهمه بعض المتأخرين لأنه كان في اصطلاحهم لفظ التأويل يراد به هذا فظنوا أن هذا هو التأويل في لغة القرآن.

278

وأما ما ذكروه من أن التفسير مأخوذ من التفسرة وهو الماء الذي ينظر فيه الطبيب ليستدل به فمثل هذا قد يقوله بعض الناس، يجعلون اللفظ المشهور من لفظ أخفى منه، وهذا إذا أريد به التناسب فهو قريب، وأما إذا أريد به أن ذلك هو الأصل لهذا فهو غلط بل الأمر بالعكس، فإن لفظ الفسر والتفسير مشهور من كلامهم وهو البيان والإيضاح.

[قلت: هذا فيه نظر؛ فإن المقصود اشتقاق الألفاظ المعنوية من الألفاظ المادية وهو القول المشهور عند اللغويين؛ لأنه من المعقول أن يكون لفظ التفسرة لهذا الماء موضوعا قبل لفظ التفسير]

279

المطلوب من الكلام شيئان: أن يكون حقا لا باطلا، فإن الباطل يمقت وإن زخرف، وأن يكون الكلام مبرهنا مبينا، قد قام دليله وهو التفسير الذي يوضحه تصورا وتصديقا، فبين المراد بالكلام وبين الدليل على صحته حتى تبين أنه حق

....

والذين نظروا في الاشتقاق الأوسط قالوا: ومنه السفر والأسفار [كذا ولعل الصواب الإسفار] وأسفرت المرأة عن وجهها وأسفروا بالفجر، والسفر أيضا بياض النهار والسفرة الكتبة والسافر الكاتب والسفر الكتاب، لأنه يبين ويوضح ما فيه من الكلام ويدل عليه

291

ولهذا قال أبو عبيدة لما ذكر تنازع الفقهاء وبعض أهل اللغة في اشتمال الصماء قال: والفقهاء أعلم بالتأويل.

/ وهذا هو التفسير الذي يعلمه العلماء، وهو أخص من التفسير الذي تعرفه العرب من كلامها

294

وهذا مذهب السلف والجمهور أن للرب سبحانه وتعالى حقيقة لا يعلمها البشر، وقد يسمونها ماهية ومائية / وكيفية

[قال المحقق: يقصد جمهور الخلق من اليهود والنصارى وسائر الملل]

[قلت: بل يقصد جمهور الطوائف والفرق من أهل الحديث والصوفية ومتقدمي الأشعرية وأصحاب ابن كلاب وغيرهم كما تقدم للمؤلف غير مرة والدلي لعلى ذلك أنه مثل بقول الصوفية وذكر كلام منازعيهم من الجهمية والمعتزلة]

295

وطائفة من المتكلمين يدعون أنهم عرفوه حق المعرفة وليس له حقيقة وراء ما عرفوه كما يقول ذلك كثير من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم

301

وقال هذا القول: إن إجماع السلف منعقد على أن لا يزيدوا على قراءة الآية

إن أراد به أنهم لا ينفون ما دل عليه وما ذكر فيها بتأويلات النفاة مثل قولهم العرش: الملك، أو استوى بمعنى استولى، ونحو ذلك فهذا صحيح

[زاد المحقق هنا زيادة يقتضيها السياق!! ونحو ذلك (فهم ينكرونه)]

وإن أراد أن السلف لم يكونوا يعلمون معنى الاستواء ولا فسروه فهذا باطل خلاف المنقول المتواتر عنهم

305

وقد زعم بعضهم أن معنى قولهم الاستواء معلوم أن مجيء لفظ الاستواء في القرآن معلوم، وهذا باطل، فإن كونه في القرآن أمر ظاهر يعرفه جميع الناس لا يسأل عنه، ولكن السائل لما قال: كيف استوى؟ سأل عن الكيفية فبينوا له أن الكيفية لا نعلمها نحن ولكن نعلم معنى الاستواء فدل على ثبوت كيفية في نفس الأمر غير معلومة لنا.

وكذلك قال ابن الماجشون وأحمد بن حنبل وغيرهما، ولو قدر أن الكيفية منتفية فلا تنفى الكيفية عن معدوم، فلو لم يكن أن ثم استواء ثابت [كذا] في نفس الأمر لم يجز نفي الكيفية عنه، ولو كان المراد الاستيلاء ونحوه لم يحتج أن يقال في ذلك والكيف مجهول أو معلوم

306

وإذا قيل الراسخون في العلم يعلمون تأويله فمعناه أنهم يفهمون ما أخبر به عن التأويل، ويتصورون معنى الكلام، وهو معرفة تفسيره، فهم يفهمون الخبر عن التأويل، ويعلمون حقيقة التأويل، وإن لم يعلموا كيفيته وكميته ووقته، وقد يعلمون بعض ذلك دون بعض

320

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير