مسمى الحشوية في لغة الناطقين به ليس هو اسما لطائفة معينة لها رئيس قال مقالة فاتبعته كالجهمية والكلابية والأشعرية، ولا اسما لقول معين من قاله كان كذلك، والطائفة إنما تتميز بذكر قولها أو بذكر رئيسها، ولهذا / كان المؤمنون متميزين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
127
وإذا كان كذلك فأول من عرف أنه تكلم في الإسلام بهذا اللفظ عمرو بن عبيد رئيس / المعتزلة فقيههم وعابدهم، فإنه ذكر له عن ابن عمر شيء يخالف قوله فقال: كان ابن عمر حشويا نسبه إلى الحشو وهم العامة والجمهور، فإن الطوائف الذين تميزوا عند أنفسهم بقوله تميزوا به عما عليه جماعة المسلمين وعامتهم يسمونهم بنحو هذا الاسم
132
وهذا جهل منهم وقول بلا علم، فإن أحدا من هؤلاء لم يقل: إن الله تعالى لا يعرف إلا بمجرد خبر الشارع الخبر المجرد، فإن هذا لا يقوله عاقل، فإن تصديق المخبر في قوله إنه رسول الله بدون المعرفة أنه رسول ممتنع، ومعرفة أنه رسول الله ممن لا يعرف أن الله موجود ممتنع، فنقل مثل هذا / القول عن طائفة توجد في الأمة أو عن عالم معروف في الأمة من الكذب البين، وهو من جنس وضع الملاحدة للأحاديث المتناقضة على المحدثين ليشينوهم بذلك عند الجهال
136
فيقال: من الوجوه الصحيحة أن ما نطق به الكتاب وبينه أو ثبت بالسنة الصحيحة، أو اتفق عليه السلف الصالح فليس لأحد أن يعارضه معقولا ونظرا أو كلاما وبرهانا وقياسا عقليا أصلا، بل كل ما يعارض ذلك فقد علم أنه باطل علما كليا عاما، وأما تفصيل العلم ببطلان ذلك فلا يجب على كل أحد، بل يعلمه بعض الناس دون بعض، وأهل السنة الذين هم أهلها يردون ما عارض النص والإجماع من هذه وإن زخرفت بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان
137
وكذلك من الوجوه الصحيحة أن موارد النزاع لا تفصل بين المؤمنين إلا بالكتاب والسنة، وإن كان أحد المتنازعين يعرف ما يقوله بعقله، وذلك أن قوى العقول متفاوتة مختلفة وكثيرا ما يشتبه المجهول بالمعقول، فلا يمكن أن يفصل بين المتنازعين قول شخص معين ولا معقوله، وإنما يفصل بينهم الكتاب المنزل من السماء والرسول المبعوث المعصوم فيما بلغه عن الله تعالى
142
[الخطابي] فما قامت الحجة عليهم كان* في الاستدلال على إثبات الصانع وحدوث العالم
[قلت: كذا ولعل الصواب كافٍ في الاستدلال]
155
[الخطابي] إذ لا خلاف بين فرق الأمة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال
.........
إذ لا يمكن أحدٌ من الناس أن يروي في ذلك عنه ولا عن واحد من أصحابه من هذا النمط حرفا واحدا
[الصواب لا يمكن أحدا]
169
ولا يكاد تفصيل الباطل ينضبط
173
فإن المصنفات في أخبار الزهاد ثلاثة أقسام:
قسم جردوا النقل لأخبار القرون المفضلة من الصحابة / والتابعين ونحوهم كما ذكر ذلك الإمام أحمد رحمه الله في كتابه المشهور في الزهد فإنه صنفه على الأسماء وذكر فيه زهد الأنبياء والصحابة والتابعين وإن كان آخرون من المصنفين في الزهد كعبد الله بن المبارك وهناد بن السري / صنفوا ذلك على الأبواب.
وقسم ذكروا أخبار الزهاد المتأخرين من حيث حدث اسم التصوف، كما فعل أبو عبد الرحمن السلمي في كتابه في (طبقات الصوفية) وكما فعل أبو القاسم القشيري في / رسالته وابن خميس في (مناقب الأبرار) ونحو هؤلاء.
وقسم ذكروا المتقدمين والمتأخرين كما فعل الحافظ أبو نعيم الأصبهاني وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهما.
187
ومن زعم من المنتسبين إليهم [الصوفية] أنهم يجدون في الكشف ما يناقض صريح العقل، أو أن أحدهم يرد عليه أمر يخالف الكتاب والسنة بحيث يكون خارجا عن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره، أو أنه يحصل له علم مفصل بجميع ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر به فهو عندهم ضال مضل، بل زنديق منافق، لا يجوزون قط طريقا يستغنى به عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به الرسول ويأمر به فضلا عن أن يسوغ له مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره وخبره.
197
[الهروي] يردون على اليهود قولهم {يد الله مغلولة} فينكرون الغل وينكرون اليد فيكونون أسوأ حالا من اليهود؛ لأن الله تعالى أثبت الصفة ونفى العيب، واليهود أثبتت الصفة وأثبتت العيب، وهؤلاء نفوا الصفة كما نفوا العيب.
200
¥