حنبل فقال: نحن نؤمن بان الله تعالى على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد. فقد نفى الحد عنه على الصفة المذكورة وهو الحد الذي يعلمه خلقه. والموضع الذي أطلقه محمول على معنيين: أحدهما على معنى أنه تعالى في جهة مخصوصة وليس هو ذاهبا في الجهات الستة بل هو خارج العالم متميز عن خلقه منفصل عنهم غير داخل في كل الجهات وهذا معنى قول أحمد حد لا يعلمه إلا هو. والثاني: أنه على صفة يبين بها من غيره ويتميز " (تلبيس الجهمية 1/ 436).
2 – قال الغماري: روى الشيخان عن ابن مسعود؛ قال: جاء رجل من أهل الكتاب، وفي رواية حبر اليهود، فقال: يا أبا القاسم! أبلغك أن الله عز وجل يحمل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والخلائق على إصبع ويقول: أنا الملك أنا الملك، قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: (وما قدروا الله حق قدره)، ويلاحظ أن المتكلم بالأصابع يهودي، واليهود مجسمون، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحك تعجباً من جهله وتلا الآية يوحي بتلاوتها إلى أن القبضة واليمين فيها معناهما القوة والاقتدار، لا الكف ولا الأصابع. (ص 48 ت64).
قلت: الصواب كما قال الذهبي في (السير 18/ 248): فإذا قلنا: لله يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه، ولا نقول إن معنى اليد: القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر: العلم، ولا نقول: إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، (ولم يكن له كفواً أحد).
وذكر ابن خزيمة في كتابه التوحيد – (ص53، دار الكتب العلمية، باب ذكر إثبات يدي الله الخالق البارئ جل وعلا) - قال: والبيان أن الله تعالى له يدان كما أعلمنا في محكم تنزيله أنه خلق آدم عليه السلام بيديه ثم ساق الأدلة على ذلك من القرآن والسنة.
قال ابن خزيمة: باب إثبات الأصابع لله عز وجل ثم ساق الأدلة على ذلك في كتاب التوحيد (ص97)، وكذلك في الرد على من أول اليد والأصابع بالقوة والقدرة.
قال ابن خزيمة في كتابه: جل ربنا على أن تكون أصابعه كأصابع خلقه وعن أن يشبه شيء من صفات ذاته صفات خلقه وقد أجل الله تعالى قدر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف الخالق الباري بحضرته بما ليس هو من صفاته فيسمعه فيضحك عنده، ويجعل بدل وجوب التكبير والغضب على المتكلم به ضحكاً تبدأ نواجذه تصديقاً وتعجباً لقائله لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق رسالته. اهـ.
3 - قال الغماري: روى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً، قال الحافظ في الفتح: وقع في هذا الموضع يكشف ربنا عن ساقه وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيلي كذلك، ثم قال في قوله عن ساقه نكرة، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم بلفظ: "يكشف عن ساق"، قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء. اهـ. وحفص أقوى لأنه ثقة، وسعيد صدوق. اهـ
قلت: قال البيهقي في "الأسماء والصفات": باب ما ذكر في الساق ثم ذكر الحديث السابق وذكر كذلك حديث رواه الإمام ومسلم وهو من رواية آدم بن أبي إياس مختصراً وقال في هذا الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه". ?ليس كمثله شيء وهو السميع البصير?.
قال شيخ الإسلام (6/ 359) في الفتاوى حول تفسير قوله تعالى: ?يوم يكشف ... ? قال: ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف، ولكن كثير من هؤلاء يجعلون اللفظ على ما ليس مدلولاته له، ثم يريدون حرفه عنه ويجعلون هذا تأويلاً.
قلت: فإثبات صفة الساق لله عز وجل الأدلة عليها متظافرة متظاهرة، ولا يلزم من إثبات الساق لله عز وجل تشبيهها بسوق المخلوقين تعالى الله عز وجل عن ذلك (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فالإنسان له ساق والشجرة لها ساق؛ فلا نشبه ساق أحد بساق أحد. .
¥