المعروف عن أسلوب الجابري أنه أسلوب أكاديمي عقلاني لكن لا باس من التعبير الشعري المجازي إذا احتاجه للسخرية برموز المسلمين:" وكأنها طيور تتزاحم على شجرة."هكذا قال فض فوه.
- فكيف تجادلونه وتشككون في أن يكون جبريل يأتيه بالفعل:"فأوحى إلى عبده ما أوحى ,ما كذب الفؤاد ما رأى , أفتمارونه على ما يرى ",كيف؟
الجابري العقلاني هنا يتبنى الاسلوب الانشائي على غير عادته –عادة الابستمولوجي البارد الذي ينحت في صخر-
هاهوالجابري من عصرنا يخاطب المشركين من وراء القرون ويبكتهم " فكيف تجادلونه وتشككون" هل تحول الابستملوجي البشلاردي إلى عاطفي بقدرة قادر؟
لكن الخبيث على أصله القرائي- لا أذكركم بالخاء- وجد في الآية استفهاما انكاريا هو" أفتمارونه على ما يرى" فأراد أن يفتح الكلام باستفهام إنكاري لتقرأ الفقرة كلها على نغمة الإنكار ...... والمقصود واضح لذي أذنين.
كم يطيب للجابري أن يلغو في القرآن وأعني هنا ب"في" دلالتها الحقيقية على الظرفية ... فمن باب الإصرار وسبق الترصد يعمد إلى تقطيع الآيات وأجزاء الآيات ويدرج بينها كلامه مع أنه عندما ينقل كلام غيره من المؤرخين والمفسرين "يحترم" المنقول عنهم فيأتي به كاملا ويعلق بعد تمام الكلام أو في الحاشية .... لكن العبث لا يحلو له إلا بلغة القرآن وتكون الحصيلة تحريفا وتزويرا للقرآن على هذا النحو الذي ستقرؤه لسورة الضحى برواية الجابري الضعيفة وسبب الضعف "الإدراج" وهو هنا من الصورة القبيحة جدا فقد وقع أول المتن ووسطه وآخره:
ومنهم زوجة عمه أبي لهب واسمها أم جميل وهي أخت أبي سفيان وكانت من المستهزئين به فقالت له:"إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك " ولكن رجاءها سيخيب. لقد جاءه جبريل بسورة الضحى تحمل إليه القسم بان الله ما ودعه وما قلاه:"والضحي, والليل إذا سجى , ما ودعك ربك وما قلى , وللآخرة خير لك من الأولى , ولسوف يعطيك ربك فترضى , ألم يجدك يتيما فآوى (مات أبوه وهو جنين في بطن أمه وماتت أمه وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه أبو طالب) , ووجدك ضالا فهدى , ووجدك عائلا فأغنى (أغناه بمال خديجة زوجته, وكانت غنية تستأجر الرجال في مالها, وقد بلغها حسن سلوكه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا ففعل, ثم تطور الأمر إلى أن عرضت عليه الزواج فقبل, وكان ذلك قبل نزول الوحي عليه وعمره خمسة وعشرون عاما وعمرها هي أربعون سنة) , فأما اليتيم فلا تقهر (وقد كنت يتيما) , وأما السائل فلا تنهر (وقد كنت فقيرا) , وأما بنعمة ربك فحدث " (نعمة النبوة) (10 الضحى93/ 1 - 11)
هذا التذييل المرجعي (10 الضحى93/ 1 - 11) مزور كما هو ملحوظ ... فقد أصبحت" الضحى" في كتاب الجابري خليطا من القرآن والسيرة والاخبار والجميع مرصع بكلام الجابري ... وعلى القاريء اللبيب أن يتتبع حيث يضع الجابري علامة الفاصلة فهو لا يضعها بعد نهاية الجملة القرآنية بل بعد أن يذيلها بكلامه إمعانا في دمج كلام في كلام: ألم يجدك يتيما فآوى (مات أبوه وهو جنين في بطن أمه وماتت أمه وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه أبو طالب) , ووجدك عائلا فأغنى (أغناه بمال خديجة زوجته, بيد أنه يذهب إلى أبعد من ذلك في الضلال .... فاقرأ إن شئت (بعد اختزال القوسين):
فأما اليتيم فلا تقهروقد كنت يتيما, وأما السائل فلا تنهروقد كنت فقيرا.
فيا أيها الفصحاء ما معنى هذا؟
-هل يريد الخبيث أن يقول إن الآيتين بعد التعديل أحسن جرسا وإيقاعا؟
-أم يريد أن يقول: أقحمنا كلامنا في القرآن فجاءت النتيجة كما تسمعون فصيحة بليغة.
–أو يريد أن يقول: كيف يكون الإعجاز في (فأما اليتيم فلا تقهر, وأما السائل فلا تنهر.) ولا يكون في: فأما اليتيم فلا تقهروقد كنت يتيما, وأما السائل فلا تنهروقد كنت فقيرا.؟
هذا ما عبرت عنه بقولي: الطعن العملي في القرآن.
( .. يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا. قال (أبوه) أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ,لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا. قال (إبراهيم) سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا,) ص 35.
¥