تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الموجودة هي الفقيرة وإذا قدر أن هناك وجودا زائدا عليه أو وجوده الذي هو مصدر فكل ذلك فقير محتاج كما أن نفسه الموجودة فقيرة محتاجة كما أن الرب غني بنفسه الموجودة وهذا المخلوق موصوف بالفقر والحاجة قبل أن يوجد وبعد أن وجد

أما قبل وجوده فالمراد بذلك أنه لا يكون موجودا إلا بالخالق فلا يصير موجودا بنفسه وأما بعد الوجود فالمراد بذلك أنه ما صار موجودا ولا يدوم وجوده ولا صار له حقيقة ولا تدوم له حقيقة إلا بالخالق

وإذا قلنا لا يكون موجودا فقد أخبرنا عن شيء تصورناه قبل وجوده وهذه هي ما يتصور في الذهن منه

ولا ريب أن الذين قال المعدم شيء والذين قالوا إن ماهية الشيء زائدة على وجوده وجدوا الفرق بين ما هو ثابت في الذهن وما هو ثابت في الخارج

وهذا فرق صحيح فإن المعاني الذهنية ليست هي الحقائق الخارجية لكن توهموا أن هذه المعاني الذهنية ثابتة في الخارج وهذا غلط وهذا مبسوط في موضعه"

وقال في تلبيس الجهمية

" الوجه الثاني أن يقال من المعلوم أن لفظ الوجود هو في أصل اللغة مصدر وجدت الشيء أجده وجودا ومنه قوله تعالى فلم تجدوا ماءا وقوله حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده وقوله ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى وأمثال ذلك فالموجود هو الذي يحده الواجد فنسبة الموجود إلى الوجود كنسبة المعلوم إلى العلم والمذكور إلى الذكر والمحس المحسوس إلى الحس والمشهود والمرئي إلى الرؤية وهذا الاسم إنما يستحقه من يكون موجودا لواجد يجده لكن هم في مثل هذا قد يقولون مشهود ومرئي وموجود ونحو ذلك لما يكون بحيث يشهده الشاهد ويراه الرائي ويجده الواجد وإن تكلموا بذلك في الوقت الذي لا يكون فيه يشهده ويراه ويجده غيره وقد لا يقولون هذا إلا في الوقت الذي يشهده الشاهد ويراه الرائي ويجده الوجد وكثيرا ما يقصدون به المعنى الأول فيطلقون الموجود على ما هو كائن ثابت لكونه بحيث يجده الواجد

وكذلك لفظ الوجود يريدون بها تارة المصدر الذي هو الأصل فيها ويريدون بها تارة المفعول أي الموجود كما في لفظ الخلق ونحوه وكذلك لفظ الفعل فإنهم يقولون وجد هذا وهذا صيغة فعل مبني للمفعول فقد يريدون بذلك أنه وجده واجد وقد يريدون بذلك أنه كان وحصل حتى صار بحيث يجده الواجد ثم لما صار هذا المعنى هو الغالب في قصدهم صار لفظ الموجود عندهم والوجود يراد به الثبوت والكون والحصول من غير أن يستشعر فيه وجود واجد له لا بالفعل ولا بالاستحقاق فهذه ثلاث معان لكن غروب هذا المعنى عن الذهن إنما كان لما لم يقصد الناطق إلا نفس الكون والثبوت وإن كان المعنى الآخر لازم له

وحينئذ فنقول اتفاق الناس على استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى دليل على تلازمها فكما أن كل ما وجده واجد فله حصول في نفسه فكما له حصول في نفسه فإنه بحيث يجده الواجد ولا يجوز أن يسمى بالموجود ما يكون حيث لا يجده الواجد لأن هذا سلب لمعنى اللفظ الذي به صح إطلاقه على هذا المسمى كما أن اسم الحي والعالم والقادر لما أطلقوه على المسمى باعتبار كونه عالما وحيا وقادرا لم يجز أن تخرج هذه المعاني من هذه الأسماء ولهذا كثيرا ممن أطلق هذا الاسم على الله تعالى لا يريد به إلا ما فيه من معنى الإضافة مثل قول الداعي يا مقصود يا موجود وقول المذكر والداعي يا من يجيب من قصده أو من طلب الله صادقا وجده وعلى هذا دل قوله حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فإنما دل على هذا المعنى بلفظ الفعل الماضي وهو قوله ووجد الله عنده لكنه عداه إلى مفعولين وإذا كان كذلك علم أنه يجب أن يكون بحيث يجده القاصد والطالب ويجده الواجدون وهذا بعينه هو أنه بحيث يحسونه فإن وجود الشيء وإحساسه متلازمان بل هو هو لا يستعمل لفظ موجود ووجدته فيما لا يحس ولا يمكن الإحساس به البتة .... " الى آخر الفصل الممتع وهو نفيس في بيان المغالطات العقلية و اللفظية التي يقوم بها المسفسطون من كافة النحل الباطلة في لفظ الوجود

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير