تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الأول فممنوع فإنه ليس في خلق الله من يقول إن صفات الله اللازمة له متوقفة على فاعل يؤلف ويركب بين الذات والصفات

وإن عنيت الثاني فمسلم ولا دليل لك على أن الذات القديمة الواجبة المستلزمة للصفات تفتقر إلى من يركب صفاتها فيها فلهذا قال أبو حامد هذا كقول القائل كل موجود يفتقر إلى موجد ولو قال إلى واجد لكان أقرب إلى مطابقة اللفظ

وهذا صحيح فإن الموجود اسم مفعول من وجد يجد فهو واجد فإذا قال القائل: كل موجود يفتقر إلى واجد أو موجد نظرا إلى اللفظ كان كقوله كل مركب يفتقر إلى مركب نظرا إلى اللفظ ولكن لفظ الموجود إنما يراد به ما كان متحققا في نفسه لا يعني به ما وجده أو اوجده غيره كما أنهم يعنون بالمركب هنا ما كان متصفا بصفة قائمة به أو ما كان فيه معان متعددة وكثرة لا يعنون به ما ركبه غيره فالذي جرى لهؤلاء المغالطين في لفظ التأليف والتركيب كما جرى لأشباههم في لفظ التخصيص والتقدير فإن الباب واحد فليتفطن اللبيب لهذا فإنه يحل عنه شبهات كثيرة"

و هنا يوضح أكثر نقطة الاشتباه اللفظية التي يعتمد عليه الملحدون للسفسطة بين مسمى وجود المخلوف و مسمى وجود الخالق يقول رحمه الله في الصفدية

" وأما كونه محدثا وكونه ممكنا يقبل الوجود والعدم فهذا دليل على فقره ومستلزم لفقره فإن المحدث كان معدوما وما كان معدوما لم يكن موجودا بنفسه بل بغيره وكذلك ما كان يقبل الوجود والعدم فإنه ليس له من ذاته أن يكون موجودا وهذا مثل قولنا مصنوع مخلوق ونحو ذلك فإن ذلك دليل على إفتقاره وإلا ففقر الأشياء واحتياجها إلى الخالق هو لذاتها وقولنا لذاته هو بحسب ما اعتيد من الخطاب وإلا فليس لها ذات دونه توصف بفقر ولا غنى بل هو المبدع لإنياتها ولا إنية لها بدون إبداعه ولا دوام لإنياتها بدون إبداعه ولا علة لذلك أصلا كما أن وجوبه بنفسه لا علة له واستغناؤه عن غيره لا علة له

وإذا قلنا هو موجود بنفسه أو واجب بنفسه أو غني بنفسه فليس المراد أن نفسه جعلته موجودا أو جعلته واجبا أو جعلته غنيا بل نفس الوجود الواجب الغني هو نفسه لا أن هنا فاعلا ومفعولا وعلة معلولا وإنما يغلط في هذا من يظن أن وجوده زائد على حقيقته كأبي هاشم وطائفة من أهل الكلام ومن وافقه من الفقهاء أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم والرازي في أحد قوليه فإنهم يجعلون الوجود الواجب معلول الذات الموصوفة كما يجعلون هم والمتفلسفة الذات الممكنة قابلة للوجود المتصفة به ويجعلون الوجود صفة للذات الموجودة

وهذا يقوله تبعا لهم طوائف من نظار أهل السنة كما يوجد مثل ذلك في كلام كثير منهم كأبي الحسن بن الزاغوني وغيره والمتكلم بهذا إما أنه توسع في العبارة أو زل في الفهم وإلا فالذي عليه حذاق النظار من متكلمي أهل السنة وغيرهم أن الموجود في الخارج هو الحقيقة الموجودة في الخارج ليس هناك شيئان أحدهما وجود هو جوهر أو عرض والثاني حقيقة موجودة متصفة بهذا

ولفظ الوجود قد يعنى به المصدر إما مصدر وجد يجد وجودا أو مصدر أوجده الله او مصدر وجدته أجده وجودا

لكن ليس المراد في هذا المقام مسمى المصادر فإن إيجاد الله للخلق هو خلقه لهم وهذا عند الأكثرين هو فعل غير المخلوقين وعند كثير من النظار الخلق هو المخلوق

وأما مصدر وجدت الشيء أجده كما في قوله تعالى ووجد الله عنده سورة النور 39 فهذا فعل قائم بالواجد كالرؤية والمعاينة ونحو ذلك وليس مرادهم بقولهم هذا موجود هذا مرئي معاين وإن كان أصل اللفظ أخذ من هذا فإن ما كان ثابتا في نفسه كان بحيث يجده الواجد أي يراه ويعاينه بخلاف المعدوم المنفي فسمي ما هو بحيث يجده الواجد موجودا لكن إذا قالوا وجد فمرادهم أنه حصل وكان ولا يلحظون أن غيره وجده وإن كان لفظ الفعل مبنيا لما لم يسم فاعله فإذا كان المراد أنه كان وحصل فمعلوم أن كونه وحصوله مصدر كان يكون وحصل يحصل لكن هو إذا صار كائنا وحاصلا فالكائن الحاصل هي حقيقته الموجودة ليس هناك هذا الكائن الحاصل وجود قائم به بعد كونه غير حقيقته الموجودة إذا تبين هذا فقولنا مفتقر لذاته لا يريد به أن هناك ذاتا غير الموجودة ثابتة في الخارج هي الموصوفة بالفقر وإنما يسوغ هذا عند من يقول المعدوم شيء وحقيقته زائده على الوجود في الخارج وإنما المقصود بذلك أن هذا الموجود المخلوق في الخارج هو فقير محتاج فنفس حقيقته التي هي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير