تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله ; فلا يطلب إلا من الله ; ولهذا كان المسلمون لا يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستسقون به ويتوسلون به كما في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون. وفي سنن أبي داود: {أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله ; فقال: شأن الله أعظم من ذلك إنه لا يستشفع به على أحد من خلقه} فأقره على قوله نستشفع بك على الله وأنكر عليه قوله نستشفع بالله عليك. وقد اتفق المسلمون على أن نبينا شفيع يوم القيامة وأن الخلق يطلبون منه الشفاعة لكن عند أهل السنة أنه يشفع في أهل الكبائر وأما عند الوعيدية فإنما يشفع في زيادة الثواب. وقول القائل: إن من توسل إلى الله بنبي. فقال: أتوسل إليك برسولك فقد استغاث برسوله حقيقة , في لغة العرب وجميع الأمم قد كذب عليهم فما يعرف هذا في لغة أحد من بني آدم بل الجميع يعلمون أن المستغاث مسئول به مدعو ويفرقون بين المسئول والمسئول به سواء استغاث بالخالق أو بالمخلوق فإنه يجوز أن يستغاث بالمخلوق فيما يقدر على النصر فيه. والنبي صلى الله عليه وسلم أفضل مخلوق يستغاث به في مثل ذلك. ولو قال قائل لمن يستغيث به: أسألك بفلان أو بحق فلان لم يقل أحد: إنه استغاث بما توسل به بل إنما استغاث بمن دعاه وسأله ; ولهذا قال المصنفون في شرح أسماء الله الحسنى: إن المغيث بمعنى المجيب لكن الإغاثة أخص بالأفعال والإجابة أخص بالأقوال. والتوسل إلى الله بغير نبينا صلى الله عليه وسلم - سواء سمي استغاثة أو لم يسم - لا نعلم أحدا من السلف فعله. ولا روى فيه أثرا ولا نعلم فيه إلا ما أفتى به الشيخ من المنع وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ففيه حديث في السنن رواه النسائي والترمذي وغيرهما {: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إني أصبت في بصري فادع الله لي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: توضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد يا محمد إني أتشفع بك في رد بصري. اللهم شفع نبيك في وقال: فإن كانت لك حاجة فمثل ذلك فرد الله بصره.} فلأجل هذا الحديث استثنى الشيخ التوسل به. وللناس في معنى هذا قولان: أحدهما: أن هذا التوسل هو الذي ذكر " عمر بن الخطاب " رضي الله عنه لما قال: كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فقد ذكر عمر - رضي الله عنه -: أنهم كانوا يتوسلون به في حياته في الاستسقاء ثم توسلوا بعمه العباس بعد موته , وتوسلهم به هو استسقاؤهم به بحيث يدعو ويدعون معه فيكون هو وسيلتهم إلى الله وهذا لم يفعله الصحابة بعد موته ولا في مغيبه والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعا لهم داعيا لهم ولهذا قال في حديث الأعمى: اللهم فشفعه في. فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم شفع له فسأل الله أن يشفعه فيه. والثاني: أن التوسل يكون في حياته وبعد موته وفي مغيبه وحضرته ولم يقل أحد: إن من قال بالقول الأول فقد كفر ولا وجه لتكفيره فإن هذه مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين ضرورة أو بإنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك. واختلاف الناس فيما يشرع من الدعاء وما لا يشرع كاختلافهم هل تشرع الصلاة عليه عند الذبح ; وليس هو من مسائل السب عند أحد من المسلمين. وأما من قال: إن من نفى التوسل الذي سماه استغاثة بغيره كفر وتكفير من قال بقول الشيخ عز الدين وأمثاله فأظهر من أن يحتاج إلى جواب ; بل المكفر بمثل هذه الأمور يستحق من غليظ العقوبة والتعزير ما يستحقه أمثاله من المفترين على الدين لا سيما مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: {من قال لأخيه: كافر فقد باء بها أحدهما}. وأما من قال: ما لا يقدر عليه إلا الله لا يستغاث فيه إلا به فقد قال الحق بل لو قال كما قال أبو يزيد: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق وكما قال الشيخ أبو عبد الله القرشي استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون لكان قد أحسن. فإن مطلق هذا الكلام يفهم الاستغاثة المطلقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس {إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله}. وإذا نفى الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه أمرا كان هو الصادق المصدوق في ذلك كما هو الصادق المصدوق في كل ما يخبر به من نفي وإثبات وعلينا أن نصدقه في كل ما أخبر به من نفي وإثبات ومن رد خبره تعظيما له أشبه النصارى الذين كذبوا المسيح في إخباره عن نفسه بالعبودية تعظيما له ويجوز لنا أن ننفي ما نفاه وليس لأحد أن يقابل نفيه بنقيض ذلك البتة. والله أعلم.

مجموع الفتاوى ص 79 ج 1 ط دار الوفاء

اما الكتاب فلا اعلم ان كان يباع الان ولكن اقتنيته قديما من جامعة الامام في (اسبوع الشيخ محمد عبد الوهاب) سنة 1399هـ

ودمت لمحبك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير