تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء في عقيدة الموحدين أنه قال: "ومن أعظم ما يحل الإشكال في مسألة التكفير والقتال عمن قصد اتباع الحق إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة وإدخالهم في أهل الردة وسبي ذراريهم وفعلهم فيهم ما صح عنهم وهو أول قتال وقع في الإسلام على من ادعى أنه من المسلمين فهذه أول وقعة وقعت في الإسلام على هذا النوع أعني المدعين للإسلام وهي أوضح الوقعات التي وقعت من العلماء عليهم من عصر الصحابة إلى وقتنا هذا" اهـ.

- قال الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله: "وقد كان أبو بكر رضي الله عنه قاتل مانعي الزكاة لموافقة من الصحابة إياه على شيئين أحدهما الكفر والآخر منع الزكاة، وذلك لأنهم امتنعوا من قبول فرض الزكاة ومن أدائها فانتظموا به معنيين: أحدهما: الامتناع من قبول أمر الله تعالى وذلك كفر، والآخر: الامتناع من أداء الصدقات المفروضة في أموالهم إلى الإمام، فكان قتاله إياهم للأمرين جميعا، ولذلك قال: لو منعوني عقالا. وفي بعض الأخبار: عناقا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. فإنما قلنا أنهم كانوا كفارا ممتنعين من قبول فرض الزكاة لأن الصحابة سموهم أهل الردة وهذه السمة لازمة لهم إلى يومنا هذا، وكانوا سبوا نساءهم وذراريهم، ولو لم يكونوا مرتدين لما سار فيهم هذه السيرة، وذلك شيء لم يختلف فيه الصدر الأول ولا من بعدهم من المسلمين، أعني في أن القوم الذين قاتلهم أبو بكر كانوا أهل الردة" [أحكام القرآن 2/ 193].

وقال أيضا: "وقد كانت الصحابة سبت ذراري مانعي الزكاة وقتلت مقاتلتهم وسموهم أهل الردة، لأنهم امتنعوا من التزام الزكاة وقبول وجوبها فكانوا مرتدين بذلك، لأن من كفر بآية من القرآن فقد كفر به كله، وعلى ذلك أجرى حكمهم أبو بكر الصديق مع سائر الصحابة حين قاتلوهم، ويدل على أنهم مرتدون بامتناعهم من قبول فرض الزكاة ما روى معمر عن الزهري عن أنس قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب كافة، فقال عمر: يا أبا بكر أتريد أن تقاتل العرب كافة. فقال أبو بكر: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة منعوني دماءهم وأموالهم، والله لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. وروى مبارك بن فضالة عن الحسن قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب عن الإسلام إلا أهل المدينة فنصب أبو بكر لهم الحرب، فقالوا: فإذا نشهد أن لا إله إلا الله ونصلي ولا نزكي. فمشى عمر والبدريون إلى أبى بكر، وقالوا: دعهم فإنهم إذا استقر الإسلام في قلوبهم وثبت أدوا. فقال: والله لو منعوني عقالا مما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وقال الله تعالى (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، والله لا أسئل فوقهن ولا أقصر دونهن. فقالوا له: يا أبا بكر نحن نزكي ولا ندفعها إليك. فقال: لا والله حتى آخذها كما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأضعها مواضعها. وروى حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين مثله، وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وارتد من ارتد من العرب، بعث أبو بكر لقتال من ارتد عن الإسلام، فقال له عمر: يا أبا بكر ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"، فقال: لو منعوني عقالا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. فأخبر جميع هؤلاء الرواة إن الذين ارتدوا من العرب إنما كان ردتهم من جهة امتناعهم من أداء الزكاة، وذلك عندنا على أنهم امتنعوا من أداء الزكاة على جهة الرد لها وترك قبولها فسموا مرتدين من أجل ذلك، وقد أخبر أبو بكر الصديق أيضا في حديث الحسن أنه يقاتلهم على ترك الأداء إليه، وإن كانوا معترفين بوجوبها لأنهم قالوا بعد ذلك: نزكي ولا نؤديها إليك. فقال: لا والله حتى آخذها كما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك ضربان من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير