تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدلالة: أحدهما: أن مانع الزكاة على وجه ترك التزامها والاعتراف بوجوبها مرتد. وأن مانعها من الإمام بعد الاعتراف بها يستحق القتال" [أحكام القرآن 4/ 271 - 272].

- وجاء في كتاب الأم للإمام الشافعي رحمه الله ما يلي: "قال الشافعي: وأهل الردة بعد رسول صلى الله عليه وسلم ضربان ومنهم قوم كفروا بعد الإسلام مثل طليحة ومسيلمة والعنسي وأصحابهم ومنهم قوم تمسكوا بالإسلام ومنعوا الصدقات، فإن قال قائل: ما دل على ذلك والعامة تقول لهم أهل الردة. قال الشافعي رحمه الله تعالى: فهو لسان عربي فالردة الارتداد عما كانوا عليه بالكفر والارتداد بمنع الحق. قال: ومن رجع عن شيء جاز أن يقال ارتد عن كذا، وقول عمر لأبي بكر: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"، في قول أبي بكر: هذا من حقها، لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. معرفة منهما معا بأن ممن قاتلوا من هو على التمسك بالإيمان، ولولا ذلك ما شك عمر في قتالهم، ولقال أبو بكر تركوا لا إله إلا الله فصاروا مشركين، وذلك بين في مخاطبتهم جيوش أبي بكر، أشعار من قال الشعر منهم، ومخاطبتهم لأبي بكر بعد الإسار، فقال شاعرهم:

ألا أصبحينا قبل نائرة الفجر ... لعل منايانا قريب وما ندري

أطعنا رسول الله ما كان وسطنا ... فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر

فإن الذي يسألكمو فمنعتم ... لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر

سنمنعهم ما كان فينا بقية ... كرام على العزاء في ساعة العسر

وقالوا لأبي بكر بعد الإسار: ما كفرنا بعد إيماننا ولكن شححنا على أموالنا. قال الشافعي: وقول أبي بكر لا تفرقوا بين ما جمع الله. يعني فيما أرى والله تعالى أعلم أنه مجاهدهم على الصلاة وأن الزكاة مثلها، ولعل مذهبه فيه أن الله عز وجل يقول (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)، وأن الله تعالى فرض عليهم شهادة الحق والصلاة والزكاة، وأنه متى منع فرضا قد لزمه لم يترك ومنعه حتى يؤديه أو يقتل. قال الشافعي: فسار إليهم أبو بكر بنفسه حتى لقي أخا بني بدر الفزاري فقاتله معه عمر وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمضى أبو بكر خالد بن الوليد في قتال من ارتد ومن منع الزكاة معا، فقاتلهم بعوام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ففي هذا الدليل على أن من منع ما فرض الله عز وجل عليه فلم يقدر الإمام على أخذه منه بامتناعه قاتله وإن أنى القتال على نفسه، وفي هذا المعنى كل حق لرجل على رجل منعه. قال: فإذا امتنع رجل من تأدية حق وجب عليه والسلطان يقدر على أخذه منه أخذه ولم يقتله، وذلك أن يقتل فيقتله، أو يسرق فيقطعه، أو يمنع أداء دين فيباع فيه ماله، أو زكاة فتؤخذ منه، فإن امتنع دون هذا أو شيء منه بجماعة وكان إذا قيل له أد هذا قال لا أؤديه ولا أبدؤكم بقتال إلا أن تقاتلوني قوتل عليه لأن هذا إنما يقاتل على ما منع من حق لزمه، هكذا من منع الصدقة ممن نسب إلى الردة فقاتلهم أبو بكر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشافعي: ومانع الصدقة ممتنع بحق ناصب دونه فإذا لم يختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتاله، فالباغي يقاتل الإمام العادل في مثل هذا المعنى في أنه لا يعطي الإمام العادل حقا إذا وجب عليه ويمتنع من حكمه، ويزيد على مانع الصدقة أن يريد أن يحكم هو على الإمام العادل ويقاتله فيحل قتاله بإرادته قتال الإمام. قال: وقد قاتل أهل الامتناع بالصدقة وقتلوا ثم قهروا فلم يقد منهم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلا هذين متأول، أما أهل الامتناع فقالوا: قد فرض الله علينا أن نؤديها إلى رسوله. كأنهم ذهبوا إلى قول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم)، وقالوا: لا نعلمه يجب علينا أن نؤديها إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما أهل البغي فشهدوا على من بغوا عليه بالضلال ورأوا أن جهاده حق فلم يكن على واحد من الفريقين عند تقضى الحرب قصاص عندنا والله تعالى أعلم" [4/ 215 - 216].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير