بارك الله في شيخنا الكريم عبد الرحمن الفقيه فقد كفى وشفى.
أخي الكريم محمود إبراهيم وفقني الله وإياك
زيادة على ما ذكره الشيخ من باب التنبيه والفائدة أقول:
أولاً: لا ينكر ورود التأويل في النصوص لكن التأويل عند أهل العلم قسمان:
1 - تأويل صحيح قد دلت عليه الأدلة والقرائن فيصرف اللفظ من معناه الظاهر إلى المعنى المرجوح بهذه القرينة.
2 - تأويل فاسد وهو أن يكون التأويل بغير دليل ولا يوجد قرينة تصرفه عن ظاهره إلى المعنى المرجوح.
وعليه فليس كل التأويل _ بالمعنى المشهور عند المتأخرين _ مذموماً، وأما عند السلف فالتأويل هو التفسير سواء وافق الظاهر أو خالفه و هو يعتمد على القرينة أيضاً، وغالب من يقع في التأويل الباطل إنما يقعون فيه لقصور أفهامهم فإذا انضم إلى ذلك سوء القصد أوغل في التأويل وصار اعظم انحرافا.
وعند المؤولة يحتجون بثلاثة أمور لتأويلهم نصوص الصفات:
1 - زعمهم أن ظاهر النصوص مما لا يلق بالله عز وجل.
2 - زعمهم أنها تخالف العقل.
3 - زعمهم أن التأويل مسلك للجمع بين النصوص المتعارضة في أذهانهم.
ثانياً: هذا الحديث ليس من باب الصفات كما ذكر شيخنا عبد الرحمن الفقيه وإنما هو من باب الألفاظ المنهي عنها ولذلك بوب له النووي في شرحه على مسلم بقوله: باب حكم إطلاق لفظة العبد و الأمة و المولى و السيد ضمن كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، وذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد وبوب عليه بقوله باب لا يقول: عبدي وأمتي وساقه ضمن الأبواب التي ساقها في الألفاظ المنهي عنها كباب باب لا يقال: السلام على الله وباب قول: اللهم اغفر لي إن شئت.
ولفظ (الرب) لا يطلق على غير الله عز وجل إذا كان محلى بأل أو مضافاً إلى المكلفين، ويجوز أن يطلق إذا أضيف إلى غير المكلفين كرب الدار ورب المال ونحو ذلك ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. درء تعارض العقل والنقل (5/ 146)
وأضاف الشيخ محمد العثيمين رحمه الله حالتين:
1 - أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب كقوله في الحديث: " ان تلد الأمة ربها " وفي بعضها " ربتها "
2 - أن يضاف إلى اسم ظاهر كقولك رب الغلام. القول المفيد على كتاب التوحيد (3/ 98 - 99)
وعلة النهي سد الذريعة إلى الشرك في اللفظ والمعنى كما ذكر ابن القيم رحمه الله. أعلام الموقعين (3/ 151)
فإن قيل: قد قالها يوسف عليه السلام كما في قوله تعالى: {إنه ربي أحسن مثواي} أجيب عنه بجوابين:
الأول: انه خاطبه بما يعرفه وهذا يجوز للضرورة كما قال موسى عليه السلام للسامري: {وانظر إلى إلهك} أي الذي اتخذته إلهاً.
والثاني: ان هذا في شرع من قبلنا وقد جاء في شرعنا خلافه والعبرة بما ورد في شرعنا.