تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بلغ اتباع القبيسيات عشرات الآلاف، وما يزال إلى اليوم وبعد أربعة عقود من انتشار الدعوة القبيسية خلاف حول: هل تمثل الأخوات القبيسيات تنظيماً أم جماعة دينية نسوية إحيائية فحسب؟ فثمة تراتبية هرمية بين الأخوات القبيسيات تتجسد بألوان الحجاب، وثمة قواعد وجداول عمل يكون على أساسها الانتقال بين المراتب، وهناك برامج تثقيفية وتعليمية محددة ومتدرجة حسب الدرجة الهرمية تشكل إطاراً فكرياً خاصاً للأخوات القبيسيات، كل ذلك يمنح الأخوات القبيسيات شكلاً تنظيمياً حقيقياً، وأياً ما يكن الأمر فإن هذا الشكل التنظيمي ساعد الأخوات كثيراً على الاستمرار والانتشار.

تحمل الأخوات القبيسيات بالأساس تصورات دينية تقليدية لكنها على درجة من المرونة منحها إياها انتشارها في الوسط الاجتماعي المديني في قلب المدن الكبرى، فالأخوات يمتلكن صالات مسرحية وفنية واستوديوهات للإخراج الفني، ولا يجدن حرجاً في الفنون الغنائية والتمثيلية التي عادة ما يستثمرنها من أجل زرع القيم الأخلاقية الإسلامية المحافظة، ومنتجاتها الفنية على ضآلتها تحقق انتشاراً واسعاً للغاية، ويقمن حفلات مدفوعة الثمن في مناسبات اجتماعية ودينية عادة ما يذهب ريعها إلى مؤسسات خيرية تنموية وخدمية يشرفن على نشاطها.

سمعتهن الطيبة وعملهن الجاد والدؤوب مكنهن من الإشراف على عدد كبير من المدارس وفي سورية بشكل خاص، (40% من مدارس دمشق الخاصة مثلاً)، وأثبتت الأخوات أنهن يستطعن استخدام الأدوات التقنية الحديثة ووسائل التربية والتعليم الجديدة في نشر دعوتهن، ويجدن الاستثمار في مجال التربية.

صحيح أن القبيسيات يستندن إلى التصورات التقليدية للدين إلا أنهن لا ينحزن إلى مجموعات دينية ضد أخرى، ولا إلى مجموعات سياسية ضد أخرى، ولهذا السبب فإنه -كما يقول بعض الباحثين- "كل طرف من الجماعات الدينية في البلاد يقول إنها تابعة له أو قريبة منه" (مثل: الدكتور البوطي، الشيخ عبدالفتاح البزم، الشيخ أحمد كفتارو، الشيخ عبدالكريم الرفاعي)، والواقع أنها قريبة من الجميع، وبعيدة من الجميع في آن واحد.

الخطاب بين الديني، السياسي والاجتماعي

في شهر آذار 2007 حاولت إحدى القبيسيات ترشيح نفسها لانتخابات مجلس الشعب نظراً لنشاطها الاجتماعي الواسع، لكن (الآنسة الكبيرة) رفضت ذلك رفضاً قاطعاً؛ فمن جهة الابتعاد عن المجال السياسي كان مبدءاً قبيسياً حمى الأخوات في أحلك الظروف التي مرت بها سورية والمنطقة، ومن جهة ثانية فإن معنى خوض انتخابات مجلس الشعب من قبل إحدى الأخوات أن التنظيم يمارس عملاً سياسياً مبطناً في وقت كانت الاتهامات من قبل الأجهزة الأمنية وبعض الأصوات العلمانية المتطرفة تخوف من القبيسيات باعتبارها تنظيما سياسيا سريا، ولو سمح لهذه القبيسية خوض الانتخابات لكان ذلك بداية لتدهور الحركة، في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية لديها حساسية غير عادية تجاه التنظيمات الدينية وحركات الإحياء الإسلامي السياسي.

مجموعة من الأفكار الإحيائية الأخلاقية العامة والبسيطة تمثل الإطار الفكري والعملي لحركة الآنسات الأخوات، وبساطتها منحتها هذا الزخم والقدرة على الانتشار، لا تملك الأخوات تصورات دينية معقدة ولا أفكارا دينية تجديدية، ما يمتلكنه هو قيم أخلاقية إسلامية تدعو إلى الالتزام، وتستند إلى النصوص الكريمة وسير الصحابة والصالحين في صدر الإسلام، لهذا السبب فإن الكتب التي يتداولنها (عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة، رجال حول الرسول، نجوم في فلك الصحابة، مختصر فقه العبادات، تفسير ابن كثير، الجامع في السيرة النبوية، المتاح من الموارد والأناشيد الملاح، مجلس النور في الصلاة على الرسول، وغيرها)، لا تتضمن تصورات ومعارف دينية معقدة كما لا تتضمن اجتهادات نسوية في فهم الإسلام على غرار ما قامت به جمعية "الأخوات المسلمات" في ماليزيا مثلاً، والمسألة برمتها هي مسألة إحياء ديني محافظ ومعتدل يفسر لنا سر الاهتمام الفائق بالداعية المعروف "عمرو خالد" الذي تصفه القبيسيات بـ"مجدد الدين".

حول السمات الاجتماعية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير