تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ليس غريباً أن تتضمن بعض السلوكات وأشكال الأذكار طرقاً معهودة في الأوساط الدينية الصوفية المحافظة مثل بعض الأذكار والأدعية المأخوذة من الطريقة النقشبندية على وجه الخصوص (ربما لأن الشيخة الكبيرة "منيرة" تأثرت بالشيخ أحمد كفتارو شيخ الطريقة النقشبدنية).

وبالرغم من أن العزوف عن الزواج يمثل ظاهرة في قيادات الأخوات القبيسيات، إلا أنه قد يكون من قبيل المصادفة حصول ذلك، فالعديد من الأخوات القبيسيات يبررن ذلك بالتفرغ للعمل الدعوي شأن ما هو معروف في التاريخ الإسلامي ظاهرة العلماء العزاب التي ألف فيها "الشيخ عبدالفتاح أبو غدة" كتاباً بعنوان "العلماء العزاب"، وقد تكون ظاهرة العزوبية هذه مسوغاً للبعض كي يقارب حركة الأخوات القبيسيات بالرهبنة المسيحية، لكن ذلك لا يبدو وارداً؛ فالأخوات القبيسيات يمتلكن مؤسسات للتزويج!

معظم الأخوات القبيسيات يحزن شهادات جامعية في مختلف الفروع العلمية، وتحرص الآنسات الكبيرات على توجيه "تلميذاتهن" على حيازة شهادات في فروع علمية بحيث يتكامل مجموع المعارف التي تمتلكها الأخوات لتغطي مختلف الفروع العلمية، وكثير من القبيسيات حزن شهادات عليا من مستوى درجة الدكتوراة، والملاحظ أن المستوى العلمي ودرجة الانفتاح الديني تبلغ ذروتها في دمشق ثم بيروت والكويت، وعموماً كلما ابتعدت الأخوات عن المركز دمشق ("الكعبة المعنوية" للأخوات) انخفض المستوى التعليمي ودرجة الانفتاح، ومستوى النشاطات كذلك.

معظم تلميذات (الآنسة الكبيرة) في الطبقة الأولى يتمتعن بحيوية ونشاط كبيرين، وهذا يفسر انتشار الدعوة القبيسية خارج الحدود، غير أن حياة (أميرة جبريل) أقرب تلميذات الشيخة الكبيرة، وخريجة الجامعة العربية (في بيروت) والمنحدرة من أسرة سياسية فلسطينية معروفة بالتوجه اليساري تتمتع بكاريزما أكبر من زميلاتها الآنسات في الطبقة الأولى؛ فقد كان لها الفضل في نشر الدعوة القبيسية في لبنان والكويت ودول الخليج، ولديها ما يؤهلها لتكون العقل المفكر للأخوات القبيسيات، ومن الطبيعي والحال هذه أن تكون الأوفر حظاً بخلافة الشيخة الكبيرة التي قاربت الخامسة والسبعين من العمر، في وقت سيكون موضوع خلافة الآنسة الكبيرة سؤالاً يضع تنظيم الأخوات القبيسيات على مفترق الطرق.

العلاقة مع السلطة

خلال ما يزيد عن أربعة عقود عملت الأخوات القبيسيات للدعوة للإحياء الديني والأخلاقي بالسر والعلن، تبعاً للظروف الأمنية والسياسية المحيطة بالبلاد، تنقلت الأخوات بين الدروس في المنازل والبيوت والمساجد والمدارس، وخلال القرون الأربعة لم يسجّل على الأخوات القبيسيات أية مشاركة علنية في الحديث السياسي؛ سواء في تأييد النظام أو رفضه، وبذلك استطعن تجاوز محنة الثمانينيات التي شهدت صراعاً بين الإخوان المسلمين والنظام، ومع ذلك يرى بعض الكتاب أن تنظيم القبيسيات هو "تنظيم يهدف إلى إقامة إمارة إسلامية على غرار دولة طالبان"! وأنهن "يخترقن الطبقات العليا في المجتمع لينشئن شبكة تخترق صفوف صانعي القرار".

إلا أن هذه المبالغات - التي تأتي غالباً من أصحاب توجهات أصولية (يسارية في الغالب) متطرفة- لا تدعمها المعطيات في الواقع؛ ولأن هذا الكلام لم يقنع الأجهزة الأمنية والمسؤولين - فهو لا يعدو أن يكون استغلال المخاوف الأمنية والسياسية من التنظيمات الإسلامية الجهادية عموماً- فقد سمح للقبيسيات رسمياً بالعمل الدعوي في المساجد وفق شروط معينة؛ ذلك أن هذا التنظيم لم يثبت أنه يشكل أي خطر سياسي، بل على العكس فقد لعبت الأخوات القبيسيات دوراً مهماً في الخدمات الاجتماعية والالتزام الأخلاقي بما يسهم في استقرار المجتمع ويقلل من حركة الاحتجاج، إلى الدرجة التي أقنعت الحكومة بمساندة بعض نشاطاتهن الاجتماعية، في وقت تدخل الحياة في سورية - والمنطقة العربية على وجه الخصوص- تغيرات عنيفة تمس بنية المجتمعات على نحو عميق.

آفاق المستقبل القريب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير