وغاب عنك قوله تعالى في عمار بن ياسر وأشباهه من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان إلى قوله ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة فلم يستثن الله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان بشرط طمأنينة قلبه والإكراه لا يكون على العقيدة بل على القول والفعل فقد صرح بأن من قال المكفر أو فعله فقد كفر
إلا المكره بالشرط المذكور
وذلك أن ذلك بسبب إيثار الدنيا لا بسبب العقيدة
فتفكر في نفسك هل أكرهوك وعرضوك على السيف مثل عمار أم لا
ونأتى الان الى بيان هذا الامر الخطير الذى لايحتمل اى خطأ.
ونتحدث اولا عن تعريف هذه الرخصه وماذا قال فيها اهل العلم
تعريف الاكراه
قال ابن حجر فى فتح الباري - جزء 12 - صفحة 311
الإكراه: هو الزام الغير بما لا يريده
جاء فى عمدة القاري جزء 24 - صفحة 95
(كتاب الإكراه)
أي هذا كتاب في بيان حكم الإكراه
والإكراه بكسر الهمزة هو إلزام الغير بما لا يريده
وهو يختلف باختلاف
1 - المكره
2 - والمكره عليه
3 - والمكره به
وجاء فى اللباب في شرح الكتاب
جزء 4 - صفحة 16
كتاب الإكراه
وهو لغة: حمل الإنسان على أمر يكرهه وشرعا:
حمل الغير على فعل بما يعدم رضاه دون اختياره لكنه قد يفسده وقد لا يفسده
المبسوط [جزء 7 - صفحة 269]
قال الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي - رحمه الله - تعالى إملاء:
الإكراه اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره من غير أن تنعدم به الأهلية
قال صاحب بدائع الصنائع
جزء 6 - صفحة 184
كتاب الإكراه
الكلام في هذا الكتاب في مواضع: في بيان معنى الإكراه لغة وشرعا
فالإكراه في اللغة عبارة عن إثبات الكره والكره معنى قائم بالمكره ينافي المحجة والرضا و لهذا يستعمل كل واحد منهما مقابل الآخر
قال الله سبحانه وتعالى:
{وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}
ولهذا قال أهل السنة:
إن الله تبارك وتعالى يكره الكفر والمعاصي أي لا يحبها ولا يرض بها وإن كانت الطاعات والمعاصي بإرادة الله عز وجل
وفي الشرع عبارة عن الدعاء إلى الفعل بالإيعاد والتهديد مع وجود شرائطها التي نذكرها
في مواضعها إن شاء الله تعالى.
اذا عرفنا ان الاكراه هو الزام الغير بما لايريد لكن ماهى صورته هل بمجرد ان يقول لك شخص انك ملزم بفعل الكفر او قول الكفر فانك تصبح مكرها طبقا لهذا التعريف ام ان هناك شروط وعلامات يجب ان تتوفر فى هذا الالزام لكى يكون صالحا كعذر شرعى مقبول عند الله عز وجل.
ولنبحث كيف كان اهل العلم يتكلمون عن الاكراه وماهى صورته التى كانوا يذكرونها وماهى الامثلة التى كانوا يضربونها فى شرح الاكراه حتى نعرف ماهو عندهم.
يقول ابن الجوزي
زاد المسير ج4 ص140
فصل الإِكراه على كلمة الكفر يبيح النطق بها.
وفي الإِكراه المبيح لذلك عن أحمد روايتان:
إِحداهما: أنه يخاف على نفسه أو على بعض أعضائه التلف إِن لم يفعل ما أُمر به.
والثانية: أن التخويف لا يكون إِكراها حتى يُنَال بعذاب. وإِذ ثبت جواز «التَّقِيَة» فالأفضل ألاَّ يفعل، نص عليه أحمد،
في أسير خُيِّر بين القتل وشرب الخمر
، فقال: إِن صبر على القتل فله الشرف، وإِن لم يصبر، فله الرخصة، فظاهر هذا، الجوازُ.
قال بن عبد البر فى التمهيد
[جزء 1 - صفحة 120]
مسألة 5
الإكراه
إن كان ملجئا وهو الذي لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار
كالإلقاء من شاهق
فلا يصح معه تكليف لا بالفعل المكره عليه لضرورة وقوعه
ولا بضده لامتناعه
والتكليف بالواجب وقوعه والممتنع وقوعه محال
لأن التكليف شرطه القدرة
والقادر هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك
وإن كان غير ملجىء كما لو قال
إن لم تكفر
أو تقتل زيدا
وإلا قتلتك
وعلم أو غلب على ظنه أنه إن لم يفعل وإلا قتله فلا يمتنع معه التكليف بل يصح أن يكلف
ويدل عليه بقاء تحريم القتل والزنا مع الإكراه
وجاء فى المحصول للرازي
[جزء 2 - صفحة 449]
المسألة الرابعة
في أن المكره على الفعل هل يجوز أن يؤمر به ويتركه
المشهور أن الإكراه
إما أن ينتهي إلى حد الإلجاء
أو لا ينتهي إليه
فإن انتهى إلى حد الإلجاء امتنع التكليف
¥