1 – أن المعرفة الحية الحاضرة هي طريق تحقيق العبودية، ولهذا دعا الله عباده في القرآن بقوله: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]. فهو سبحانه وتعالى (مستحق للتوحيد، الذي هو دعاؤه وإخلاص الدين له: دعاء العبادة بالمحبة والإنابة، والطاعة والإجلال، والخشية والرجاء ونحو ذلك من معاني تألهه وعبادته. ودعاء المسألة والاستعانة بالتوكل عليه، والالتجاء إليه، والسؤال له، ونحو ذلك مما يفعل سبحانه بمقتضى ربوبيته).
فلفظ الدعاء الذي اقترن الأمر به بأسماء الله الحسنى يعني التعبد بها من بعد معرفتها كما قال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة).
وحقيقة الدعاء: (إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل وإضافة الجود والكرم إليه) والإقرار بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العلا.
2 – أن أثر المعرفة في تحقيق العبودية يكون بحسب قوة المعرفة وضعفها، فكلما كانت المعرفة بالله وأسمائه وصفاته قوية مفصلة مستحضرة كانت العبودية بها أتم، وكلما كانت ناقصة وضعيفة أو اعترتها غفلة كان صاحبها أبعد عن سمة العبودية.
3 – أن الجهل بالله سبحانه وتعالى والإلحاد في أسمائه وصفاته أصل الكفر والشرك والتعطيل، كما أن الغفلة عن المعرفة بهذا الباب العظيم سبب رئيس في ضعف محبة الله والخوف ورجائه في قلوب العباد ومن ثم بعدهم عن سمت العبودية وما يتبع هذا من مظاهر السلوك غير السوي فـ (الإيمان بالله وعبادته ومحبته وإجلاله هو غذاء الإنسان وقوته وصلاحه وقوامه).
4 - أن تحقيق ركائز العبودية الثلاث: الحب والخوف والرجاء، كفيل إن صح – بعد توفيق الله – برفع العبد إلى أعلى درجات العبودية؛ درجة المحسنين السابقين بالخيرات، وأن تخلف العبد عن الارتقاء في درجات العبودية إنما هو من ضعف تحقيقه لهذه الركائز والتي معرفة الأسماء والصفات أساس تحقيقها.
5 – تحقيق العبودية لله رب العالمين هو المخرج للأمة اليوم وقد سيطر السعار المادي على كثير من القلوب والعقول، وانتشرت مظاهر كثيرة تدل على اختلال الأخلاق والسلوك، وفشت أنواع القلق والحيرة والاكتئاب وغيرها من الأمراض النفسية؛ إذ بتحقيق العبودية تزكو النفوس، وتطمئن القلوب؛ ففي القلب فاقة لا يسدها إلا معرفة الله وفي القلب شعث لا يلمه إلا العبودية له تعالى.
6 – أهمية إبراز التعبد الشرعي الصحيح بالأسماء والصفات لكثرة المنتشر بين الناس من أنواع التعبد البدعي يتزعمه المتصوفة مستغلين بذلك حاجة الفطرة للمعرفة والعبادة.
7 – أهمية لفت انتباه العامة والخاصة إلى ضرورة فهم معاني أسماء الله وصفاته على المعتقد الحق، واستحضار معرفتها، وإبراز دورها في العبادة والسلوك.
هذا كما أوصى في ختام البحث الباحثين من بعدي باستشراف آثار توحيد الأسماء والصفات على مناحي الحياة والسلوك والأخلاق في مواضيع حية تبرز عظمة هذا الدين وملاءمته للفطرة السوية، وموافقته للعقل الصحيح، كما تبرز الدور الإيجابي للعقيدة الصحيحة في حياة الأمة المسلمة من الناحية العلمية والعملية.
هذا وإني أ؛ مد الله عز وجل على ما وفقني، ويسر لي من معايشة هذه المعاني العظيمة طيلة زمن البحث، وأحمده سبحانه وتعالى على ما بلغني إياه من إتمامه وإخراجه بهذه الصورة والتي حرصت أن تكون سهلة التناول نافعة للعامة والخاصة إسهاماً في تلبية الحاجة الملحة النابعة من الفطرة في معرفته جل جلاله حق المعرفة وعبادته حق العبادة. وأنى لجهد العبد الضعيف أن يكفي لمثل هذه المهمة العظيمة التي ما خلق الجن والإنس إلا لتحقيقها كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، ولكنه جهد المقل الذي أسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يباركه ويقبله عملاً خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعلني أول المنتفعين به.
وأسأله بكرمه وعفوه وغفرانه أن يعفو عني إن زل بي قلم عن الحق أو شطت بي فكرة عن الصواب، إنه سميع قريب مجيب.
سبحانه اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والله أعلم
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[26 - 03 - 10, 03:09 م]ـ
¥