أخي الحبيب إن توحيد الأسماء والصفات من أصول الإعتقاد فإن العبودية
تكتمل عند المرء بتحقيق العمل والإيمان بالإسماء والصفات التي أثبتت
لله تبارك وتعالى في القرآن الكريم وفي السنة النبوية ,,
فليس هناك أعلم من الله تبارك وتعالى بنفسه ,,
وليس هناك بأحدٍ اعلم من النبي صلى الله عليه وسلم بالله تبارك وتعالى ,,
فالإنحراف في الأسماء والصفات قد يحقق إنحراف في العبودية ,,
والصفات في القرآن والسنة حقيقة لا مجازية ,,
كما ذهب إليه بعض المعتزلة وأهل الكلام والأهواء من الفلاسفة ,,
وغيرهم من أهل البدع والأهواء ولزيادة التوضيح أخي الحبيب ,,
فيقول صاحب كتاب تحقيق العبودية بمعرفة الأسماء والصفات:
وهكذا وبعد هذه الفصول الثلاثة يظهر بجلاء أن العبودية لله رب العالمين لا تتحقق إلا بمعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، إذ كل اسم له تعبد مختص به، وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي عرفها البشر، لا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر: فهو يعرف ربه بجماله وجلاله؛ فيحبه ويعظمه. ويعرفه بقوته وقدرته وشدة عذابه وانتقامه؛ فيهابه ويخافه. وكذلك يعرفه برحمته وحلمه وقربه فلا يرجو إلا إياه.
ومن ثم يدفعه الحب إلى الامتثال والطاعة، ويحدوه الرجاء فيشحذ همته، ويحمله الخوف على الاستقامة، وبذا يكمل مراتب عبوديته لله عز وجل من الذل والخضوع، والصبر والشكر، والرضا والإنابة، والتوكل والاستعانة، وكل ما يتبع ذلك من قول وعمل في مرضاة الله عز وجل، ثم إذا قدر عليه الذنب وارتكبه على حين غفلة منه كمل عبوديته لربه بالتوبة وصدق اللجأ ودوام التذلل والتضرع، وفي تحققه بهذا وصوله إلى غاية السعادة التي يطلبها العبد، والتي يسعى لها الناس على اختلاف فكرهم وعقائدهم.
وما أحوج العباد اليوم – وقد صدئت كثير من العقول والقلوب – أن يرجعوا إلى المعين الصافي في القرآن والسنة ليتلقوا منهما المعتقد الحق الذي يروي ظمأ الروح، ويجلو صدأ القلب، ويصحح السلوك، ويقوم الأخلاق ويحقق الصحة النفسية التي فقدها كثيرون في هذا العصر.
ويمكن تلخيص أهم نتائج البحث في النقاط التالية:
1 – أن المعرفة الحية الحاضرة هي طريق تحقيق العبودية، ولهذا دعا الله عباده في القرآن بقوله: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]. فهو سبحانه وتعالى (مستحق للتوحيد، الذي هو دعاؤه وإخلاص الدين له: دعاء العبادة بالمحبة والإنابة، والطاعة والإجلال، والخشية والرجاء ونحو ذلك من معاني تألهه وعبادته. ودعاء المسألة والاستعانة بالتوكل عليه، والالتجاء إليه، والسؤال له، ونحو ذلك مما يفعل سبحانه بمقتضى ربوبيته).
فلفظ الدعاء الذي اقترن الأمر به بأسماء الله الحسنى يعني التعبد بها من بعد معرفتها كما قال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة).
وحقيقة الدعاء: (إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل وإضافة الجود والكرم إليه) والإقرار بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العلا.
2 – أن أثر المعرفة في تحقيق العبودية يكون بحسب قوة المعرفة وضعفها، فكلما كانت المعرفة بالله وأسمائه وصفاته قوية مفصلة مستحضرة كانت العبودية بها أتم، وكلما كانت ناقصة وضعيفة أو اعترتها غفلة كان صاحبها أبعد عن سمة العبودية.
3 – أن الجهل بالله سبحانه وتعالى والإلحاد في أسمائه وصفاته أصل الكفر والشرك والتعطيل، كما أن الغفلة عن المعرفة بهذا الباب العظيم سبب رئيس في ضعف محبة الله والخوف ورجائه في قلوب العباد ومن ثم بعدهم عن سمت العبودية وما يتبع هذا من مظاهر السلوك غير السوي فـ (الإيمان بالله وعبادته ومحبته وإجلاله هو غذاء الإنسان وقوته وصلاحه وقوامه).
4 - أن تحقيق ركائز العبودية الثلاث: الحب والخوف والرجاء، كفيل إن صح – بعد توفيق الله – برفع العبد إلى أعلى درجات العبودية؛ درجة المحسنين السابقين بالخيرات، وأن تخلف العبد عن الارتقاء في درجات العبودية إنما هو من ضعف تحقيقه لهذه الركائز والتي معرفة الأسماء والصفات أساس تحقيقها.
¥