ولما عقدوا لشيخ الإسلام رحمه الله المجالس الثلاثة المعروفة لمحاكمة عقيدته الشهيرة المسماة بالواسطية، حضر الهندي المجلس الثاني، الذي عُقِد بعد صلاة الجمعة يوم 12/ رجب /705 هـ، في القصر الأبلق بدمشق، قال ابن تيمية فيما كتبه في شأن هذه الواقعة: " فَلَمَّا كَانَ الْمَجْلِسُ الثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجَبٍ، وَقَدْ أَحْضَرُوا أَكْثَرَ شُيُوخِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَأَحْضَرُوا مَعَهُمْ زِيَادَةً صَفِيَّ الدِّينِ الْهِنْدِيَّ، وَقَالُوا: هَذَا أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ وَشَيْخُهُمْ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ " مجموع الفتاوى (3/ 181).
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (14/ 42): " وحضر الشيخُ صفيُّ الدين الهنديُّ، وتكلَّمَ مع الشيخِ تقيِّ الدين كلاماً كثيراً، ولكنَّ ساقيتَهُ لاطمت بحراً، ثم اصطلحُوا على أن يكونَ الشيخ كمالُ الدين بن الزملكاني - قلت: وهو من تلاميذِ الهندي - هو الذي يحاققُه من غيرِ مُسامحةٍ ".قلتُ: وملاطمةُ ساقيةِ الهنديِّ لبحر شيخ الإسلام تظهرُ لمن قرأ اعتراضاتِه التي اعترضَ بها عليه، وجوابَ شيخ الإسلام عنها، فهو الذي يسمِّيه: " الشَّيْخُ الْكَبِيرُ بِجُبَّتِهِ وَرِدَائِهِ " و" الشَّيْخُ الْمُقَدَّمُ فِيهِمْ " و" كَبِيرُ الْجَمَاعَةِ وشيخهم "، ولولا خشية الإطالة لنقلت كلامه بحروفه، فإن شئت الوقوف عليه فانظر مجموع الفتاوى (3/ 181 - 193).
ولذلك قال ابن عبد الهادي في العقود الدرية في شأن هذا المجلس: " وقد أظهرَ الله من قيام الحجة ما أعزَّ به أهلَ السنة ".
توفي الهندي سنة 715 هـ بمنزله في المدرسة الظاهرية بدمشق، ودفن في مقابرِ الصوفية.
ومن مؤلفاته في أصول الفقه: نهاية الوصول في دراية الأصول، طبع بتحقيق صالح اليوسف وسعد الشويح عن المكتبة التجارية في مكة المكرمة في ثمانية مجلدات.
وكتاب الفائق في أصول الفقه وهو مطبوع أيضاً.
وله في أصول الدين: الرسالة التسعينية في الأصول الدينية، ذكر أنه ألفها بعد ما جرى من الفتنة المشهورة بين أهل السنة والجماعة وبين بعض الحنابلة، فلعله يعني ما جرى بشأن العقيدة الواسطية، وسيأتي نقلُ ابن تيمية من هذه الرسالة وتعقبه لما قاله الهندي، وهذا يدل أن ابن تيمية وقف عليها.
وقد أطلتُ في ترجمته لما فيها من فوائد لطيفة.
(5) الرسالة التسعينية في الأصول الدينية.
(6) هذا هو قولهم، فقد قال الهندي: " وإن كانت إضافيَّةً محضةً ككون الشيء قبل الشيء أو بعده، فالتغيير في هذه واقعٌ لا محالة، ولا إشكال فيه، لأنها عدميَّةٌ عندَنَا ".
(7) العقل والنقل (2/ 238 - 241).
(8) نهاية العقول، كما في الفخر الرازي وآراؤه الكلامية (230)، وقد أشار ابن تيمية إلى هذا الوجه في مجموع الفتاوى (6/).
(9) قال ابن القيم في النونية ص (50) في ذكر مذهب الكرامية في القرآن:
هذي مقالاتُ ابنِ كرَّامٍ وما = ردُّوا عليه قطُّ بالبُرهانِ
أنَّى وما قد قال أقربُ منهم = للعقلِ والآثارِ والقرآنِ
لكنهم جاؤوا له بجعاجعٍ = وفراقعٍ وقعاقعٍ بشنان
وقد نقل ابن عيسى في شرحه (1/ 300 - 301) كلام الرازي آنف الذكر عند تعليقه على هذا الموضع.
(10) موضعه في العقل والنقل (4/ 3 - 18).
الحلقة السابقة:
تناقضات الأشعرية (11): تناقض مسالكهم في إثبات صدق الله تعالى مع أصلهم في التحسين والتقبيح، والحكمة والتعليل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=207022)
ـ[محمد براء]ــــــــ[04 - 04 - 10, 08:52 م]ـ
لأن في حمايتِه حمايةَ دليلِ الأعراض
فالاشتغالُ بالتأويل تبرُّعٌ
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[05 - 04 - 10, 11:35 م]ـ
نفع الله بك الأمة، آمين ...
ـ[أبو البركات]ــــــــ[06 - 04 - 10, 02:14 ص]ـ
الرازي فضح التناقض الأشعري